للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُسْلِمُونَ فَعَجِبُوا لِسُجُودِ الْمُشْرِكِينَ مَعَهُمْ عَلَى غَيْرِ إِيمَانٍ وَلَا يَقِينٍ، وَلَمْ يَكُنِ الْمُسْلِمُونَ سَمِعُوا الَّذِي أَلْقَى الشَّيْطَانُ عَلَى أَلْسِنَةِ الْمُشْرِكِينَ، وَأَمَّا الْمُشْرِكُونَ فَاطْمَأَنَّتْ أَنْفُسُهُمْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ لِمَا أُلْقِيَ فِي أُمْنِيَّةِ النَّبِيِّ [ (١٢) ] صَلَّى اللهُ عليه وآله وَسَلَّمَ، وَحَدَّثَهُمُ الشَّيْطَانُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَدْ قَرَأَهَا فِي السَّجْدَةَ، فَسَجَدُوا لِتَعْظِيمِ آلِهَتِهِمْ، وَفَشَتْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ فِي النَّاسِ وَأَظْهَرَهَا الشَّيْطَانُ حَتَّى بَلَغَتْ أَرْضَ الْحَبَشَةِ، وَمَرَّ بِهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَأَصْحَابُهُ، وَحُدِّثُوا أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ قَدْ أَسْلَمُوا كُلُّهُمْ وَصَلَّوْا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وَبَلَغَهُمْ سُجُودُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَلَى التُّرَابِ عَلَى كَفَّيْهِ، وَحُدِّثُوا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ آمَنُوا بِمَكَّةَ، فَأَقْبَلُوا سِرَاعًا وَقَدْ نَسْخَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا أَلْقَى الشَّيْطَانُ وَأَحْكَمَ اللهُ آيَاتِهِ وَحَفِظَهَا مِنَ الْبَاطِلِ فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ، فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطانُ، ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ، لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ [ (١٣) ] .


[ (١٢) ] في (ص) و (هـ) : «رسول الله» .
[ (١٣) ] سورة الحج آيتا (٥٢- ٥٣) ، وقصة الغرانيق هذه لها طرق كثيرة، ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح، وهي مراسيل يحتج بها من يحتج بالمرسل، وكذا من لا يحتج به لاعتقاد بعضها بعضا.
روى (الأول) : الطبري، وابن المنذر، وابن ابي حاتم، والمقدسي في صحيحه كلهم عن سعيد ابن جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- (والثاني) : رواه ابن جرير عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحارث بن هشام.
(الثالث: رواه ابن جرير عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ.
قَالَ السهيلي: «واهل الحديث يدفعون هذا الحديث بالحجة» ثم أضاف: «والحديث غير مقطوع بصحته» .
وقال القاضي عبد الجبار في «تنزيه القرآن عن المطاعن» ص (٢٤٣) : «فإن قيل: فما المراد بقوله: إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ» وكيف يصح ذلك على الأنبياء؟.
وجوابنا ان المراد: إذا تلى يلحقه السهو في قراءته وذلك معروف في اللغة، فلذلك قال بعده: