قال البلاذري: كان ممن يؤذى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يشتمه ويسمعه ما يكره، وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يمشي ذات يوم وهو خلفه يخلج بأنفه وفمه فبقى على ذلك، وأظهر الإسلام يوم الفتح وكان مغموصا عليه في دينه، - فاطلّع يوما على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو في بعض حجر نسائه فخرج إليه بعزة وقال: من عذيري من هذا الوزغة؟ لو أدركته لفقأت عينه أو كما قال صلّى الله عليه وآله وسلّم ولعنه وما ولد وغرّبه من المدينة فلم يزل خارجا منها إلى أن مات عمر بن الخطاب رضي الله عنه. قلت: وروى أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رجل خلف النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يحاكيه ويلمض فرآه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال كذلك كن. فرجع إلى أهله فلبط به مغشيا عليه شهرا ثم أفاق حين أفاق وهو كما يحاكى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. وهذا المبهم الظاهر أنه الحكم. أفاق وو كما يحاكى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. وهذا المبهم الظاهر أنه الحكم. أما الأخير فهو ابو لهب وكان من أشد الناس عداوة للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم. قال البلاذريّ: وكان يطرح القذر والنتن على باب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فرآه حمزة بن عبد المطلب وقد طرح من ذلك شيئا فأخذه وطرحه على رأسه، فجعل أبو لهب ينفض رأسه ويقول: صابئ أحمق. فأقصر عما كان يفعل، لكنه كان يدّس من يفعله. قال: وروى ابن أبي الزّناد عن هشام بن عروة عن عائشة قالت. قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كنت بين شرّ جارين، بين أبي لهب، وعقبة بن أبي معيط، إن كانا ليأتيان بالفروث فيطرحانها على بابي. قالت: وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: يا بني عبد مناف أيّ جواد هذا؟ ثم يميطه عن بابه. قالوا: وبعث أبو لهب ابنه عتبة بشيء يؤذي به رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فسمعه يقرأ «والنجم إذا هوى» فقال: أنا كافر برب النجم. فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: سلط الله عليك كلبا من كلابه، فخرج في تجارة فجاء الأسد وهو بين أصحابه نائم بحوران من أرض الشام فجعل يهمس ويشمّ حتى انتهى إليه فمضغه مضغة أتت عليه، فجعل يقول وهو بآخر رمق: ألم أقل لكم إن محمدا أصدق الناس؟ ثم مات. قلت: صوابه عتيبة بالتصغير كما سيأتي بسط ذلك في أبواب إجابة دعواته. ومات أبو لهب بداء يعرف- بالعدسة، كانت العرب تتشاءم به وتفرّ ممن ظهر به، فلما أصاب أبا لهب تركه أهله حتى مات ومكث مدة لا يدفن حتى خافوا العار فحفروا له حفرة فرموه فيها. كما سيأتي بيان ذلك. وكانت امرأته أم جميل ابنة حرب تؤذي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كثيرا وهي حمّالة الحطب، وإنما سماها الله تعالى بذلك لأنها كانت تحمل الشوك فتطرحه بالليل على طريق رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حيث يمرّ هو وأصحابه لتعقرهم بذلك، فبينا هي ذات يوم تحمل حزمة أعيت فقعدت على حجر تستريح أتاها ملك فجذبها من خلفها بالحبل الذي في عنقها فخنقها به. وروى الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لما نزلت «وأنذر عشيرتك الأقربين»