للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ] صعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على الصفا فجعل ينادي: يا بني فهر، يا بني عدي لبطون من قريش، حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا ينظر ما هو، فجاء أبو لهب وقريش فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدّقيّ؟ قالوا: نعم ما جرّبنا عليك إلا صدقا قال: فإني لكم نذير بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تبّا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا!
فأنزل الله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ «تَبَّتْ» خسرت. والتباب: الخسران المفضي إلى الهلاك «يدا أبى لهب» جملته، وعبر عنها باليدين مجازا لأن أكثر الأفعال تداول بهما، وكنى بأبي لهب لحسنه وجماله وإنما كناه لأنه كان مشتهرا بكنيته دون اسمه وقيل لأن اسمه عبد العزى فلا يناسب في القرآن عبديّة شخص إلى غير الله تعالى وهذه الجملة دعاء «وتبّ» : خسر هو، وهذه خبر كقولهم أهلكه الله وقد أهلكه.
ولمّا خوّفه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بالعذاب قال: إن كان ما يقول ابن أخي حقا فإني أفتدى منه بمالي وولدي، نزل «ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ» وكسبه: أي ولده وأغنى بمعنى يغنى «سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ» أي تلهّب وتوقد فهي مآل تكنيته «وَامْرَأَتُهُ» : عطف على ضمير يصلي سوّغه الفصل بالمفعول وصفته وهي أم جميل «حَمَّالَةَ» بالرفع «الْحَطَبِ» الشوك والسعدان تلقيه في طريق النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم «فِي جِيدِها» : عنقها «حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ» أي ليف وهذه الجملة حال من حمالة الحطب الذي هو نعت لامرأته أو خبر مبتدأ مقدر.
وذكر البلاذري ممن كان يؤذي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أبو الأصداء وكان يقول لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إنما يعلمك أهل الكتاب أساطيرهم ويقول للناس هو معلّم مجنون فدعا عليه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فإنه لعلى جبل إذ اجتمعت عليه الأروى فنطحته حتى قتلته.
وذكر ابن إسحاق فيهم: أمية بن خلف الجمحي.
قال ابن إسحاق: وكان إذا رأى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم همزه ولمزه فأنزل الله سبحانه وتعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الَّذِي جَمَعَ مالًا وَعَدَّدَهُ.
قال ابن هشام: الهمزة: الذي يشتم الرّجل علانية ويكسر عينه عليه ويغمز به وجمعه همزات.
واللمزة: الذي يعيب الناس سرّا ويؤذيهم.
والنضر بن الحارث.
قال ابن إسحاق: ابن كلدة بن علقمة.