للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ] روى ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل بسند صحيح من طريق سعيد بن جبير وعبد الرزّاق في المصنّف وابن جرير وابن المنذر عن مقسم مولى ابن عباس كلاهما عنه، أن أبا معيط وفي رواية عقبة بن أبي معيط كان يجلس مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بمكة ولا يؤذيه وكان رجلا حليما، وكان قريش إذا جلسوا معه آذوه وكان لأبي معيط خليل غائب عنه بالشام. وفي رواية أنه أمية بن خلف فقالت قريش: صبأ أبو معيط.
وفي رواية وكان لا يقدم من سفر إلا صنع طعاما فدعا أهل مكة كلهم فصنع طعاما ثم دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى طعامه فقال: ما أنا بالذي آكل من طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله. فقال:
اطعم يا ابن أخي. فقال: ما أنا بالذي أفعل حتى تقول. فشهد بذلك وطعم من طعامه.
وقدم خليله من الشام ليلا فقال لامرأته ما فعل محمد مما كان عليه؟ فقالت: أشدّ ما كان أمرا فقال: ما فعل خليلي أبو معيط؟ فقالت: صبأ فبات بليلة سوء فلما أصبح أتاه أبو معيط فحيّاة فلم يردّ عليه التحية فقال: مالك لا تردّ عليّ تحيتي. فقال: كيف أردّ تحيتك وقد صبأت. قال: أوقد فعلتها قريش؟ لا والله ما صبأت ولكن دخل عليّ رجل فأبى أن يأكل من طعامي إلا أن أشهد له. فاستحييت أن يخرج من بيتي قبل أن يطعم، فشهدت له قال: ما أنا بالذي أرضى عنك حتى تأتيه فتبزق في وجهه. وفي رواية: فقال: ما يبرئ صدورهم إن أنا فعلت؟ قال: تأتيه في مجلسه فتبزق في وجهه وتشتمه بأخبث ما تعلم من الشتم. ففعل فلم يزد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أن مسح وجهه من البزاق.
ونقل جماعة منهم أبو ذر الخشني عن أبي بكر النقّاش أن عقبة لما تفل في وجه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم رجع ما خرج منه إلى وجهه فصار برصا. انتهى.
ثم التفت إليه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: إن وجدتك خارجا من جبال مكة ضربت عنقك صبرا.
وقال أبيّ بن خلف: والله لأقتلن محمدا. فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: بل أنا أقتله إن شاء الله.
فلما بلغ أبيّا ذلك أفزعه لأنهم لم يسمعوا من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قولا إلا كان حقا.
فلما كان يوم بدر، وخرج أصحاب عقبة أبي أن يخرج فقال له أصحابه: اخرج معنا. فقال: قد وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجا من جبال مكة أن يضرب عنقي صبرا. فقالوا: لك جمل أحمر لا يدرك فلو كانت الهزيمة طرت عليه. فخرج معهم،
فلما هزم الله المشركين وحل به جمله في أخدود من الأرض فأخذه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أسيرا في سبعين من قريش وقدّم إليه أبو معيط فقال: أتقتلني بين هؤلاء؟ قال: نعم. فقام إليه علي بن أبي طالب فضرب عنقه.
ولم يقتل من الأسارى يومئذ غيره.
فلما كان يوم أحد خرج أبيّ مع المشركين فجعل يلتمس غفلة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ليحمل عليه فيحول رجل بين النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وبينه،
فلما رأى ذلك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال لأصحابه: خلوا عنه. فأخذ الحربة ورماه بها
فوقعت في ترقوته فلم يخرج منه دم كثير واحتقن الدم في جوفه، فجعل يخور كما يخور الثّور فاحتمله