الأمر الثامن والعشرون: بعد ذلك ينطلق فيقَصِّر أو يحلق، وإن كنتُ أُرَغِّب المسلم على أن يحلق شعر رأسه، فإن بعض الناس -هداهم الله- لا أقول: مخالفاً، وإنما أقول: خلافاً للسنة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاثاً، فيصبح المسلم همه أن تبقى شعيرات على رأسه ليتجمل بها.
لكني أقول: ينبغي للمسلم أن يفعل ذلك الأمر طواعية لله ولرسوله، فإن المسلم إذا حلق هذا الرأس تكون فيه الاستجابة، ويحصل له فيه الدعاء من المصطفى صلى الله عليه وسلم:(اللهم ارحم المحلقين، قالوا: والمقصرين يا رسول الله: قال في الثالثة: والمقصرين) .
فإني حينما أعمله استجابة لله ولرسوله أضحي بالجمال، لا شك أن الشعر جمال وزينة؛ لكني لما كنتُ أقرِّبه إلى الله تعالى فإنه يهون ويسهل أمام الاستجابة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
ومن الملحوظات أيضاً: أن بعض الناس يأتون إلى أصحاب المقصات، فيقص شعرة من هنا وشعرة من هنا! كثير من أهل العلم يرون أن هذا لا يجزئ عن التقصير إطلاقاً، ولا تبرأ الذمة به.
إذاً ماذا يعمل؟! يجب عليه أن ينطلق إلى الحلاق، فيستعمل (الماكينة) رقم (٤) ، هذا هو التقصير الآن، فالحلق يكون بالموسى، والتقصير يكون بماكينة رقم [٤] لأنك تجد بعض الناس يقصر شعرتين من هنا، وشعرتين من هنا، وشعرتين من هنا، ثم يقول: قصرنا! فالله لما قال: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}[الفتح:٢٧] ماذا قال؟ {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ}[الفتح:٢٧] .
لو رأينا شخصاً الآن حلق جزءاً من هنا وترك شعراً، ثم حلق من هنا وترك شعراً، ثم حلق من هنا وترك شعراً، أنسميه محلقاً؟! أم نقول له: لماذا لم تحلق رأسك؟! لا نسميه محلقاً؛ لأننا نجد بقايا من شعره ما زالت في رأسه.
وكذلك نقول للمقصرين: يجب أن تقصروا من جميع الشعر، حتى يكون عاماً كما أن الحلق يجب أن يكون عاماً لجميع الشعر.