[ملحوظات على الناس أثناء السعي]
الملحوظة الأولى: نِسْيانُ كثيرٍ من الناس عند صعودهم الصفا أن يقولوا: (أبدأ بما بدأ الله به: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة:١٥٨] ) فينبغي للمسلم بعد أن ينتهي من الطواف، والصلاةِ خلف المقام ركعتين، والانطلاقِ إلى الصفا، أن يأتي -حال صعوده إلى الصفا - بهذا الدعاء: (أبدأ بما بدأ الله به: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة:١٥٨] ) .
الملحوظة الثانية: نِسْيانُ رفعِ اليدين وتطويلِ الدعاء.
الملحوظة الثالثة: عدمُ الهرولة بين العَلَمين، فتجد بعض الناس ينسونها.
الملحوظة الرابعة: البَدْء بـ المروة قبل الصفا، بعض الناس -مِن جهله- يبدأ بـ المروة قبل الصفا! وهذا من الخطأ.
الملحوظة الخامسة: الاستمرار في الاضطباع:- بعضُ الناس يستمر في الاضطباع، فيصلي خلف المقام وهو مضطبع.
فنقول: إذا انتهى من الطواف كاملاً يرفع الرداء ويضعه على كتفيه، ويصلي خلف المقام، ثم يستمر في سعيه، وليس ثمة اضطباع.
الملحوظة السادسة: الرُّقِيِّ إلى أعلى الصفا والمروة، وبعض الناس يتكلف، فيصعد على أعلى صخرة، وتجده واقفاً في مَشَقَّةٍ، وقد يسقط على رأسه، وإذا سألته: لماذا؟! قال: الرسول صلى الله عليه وسلم رقى إلى الصفا.
فنقول: يمكنه أن يصعد إلى ارتفاع قليل، ثم يستقبل القبلة، ويدعو بما شاء.
الملحوظة السابعة: عدمُ تدبُّر الدعاء في هذا الموطن.
الملحوظة الثامنة: السعيُ أربعة عشر شوطاً.
الملحوظة التاسعة: هرولةُ النساء بين العَلَمين.
الملحوظة العاشرة: تخصيصُ دعاءٍ معيَّنٍ للهرولة بين العَلَمين، حيث تجد بعض الناس يحمل الدفاتر التي لم يقصِّر الذين ألَّفوها -عفا الله عنا وعنهم- فوضعوا لنا أدعية في الطواف، وفي السعي، وخلف المقام، وعند زمزم، وغيرها.
الملحوظة الحادية عشرة: الصلاة إلى عين زمزم وهذه من الملحوظات والأمور التي ينبغي أن ننبه عليها من البداية.
بعض الناس يُصَلُّون إلى عين زمزم، وتجد المصلِّي مطمئناً! وتجد -من اللطائف لو نَزَلْتَ إلى بئر ماء زمزم- تجد بعض الناس يستقبلون البئر، وقد لا يستقبلون الكعبة، ليس مهماً عنده استقبال القبلة، أهم شيء عنده هو بئر زمزم!! وهذا من الخطأ ومن الجهل، فينبغي تنبيه هؤلاء على أن هذا ليس من السنة.
الملحوظة الثانية عشرة: جلوس بعض الشباب في المروة، فبعض الشباب يواعد بعضُهم بعضاً أن يكون اللقاء عند المروة، فيجتمع نحو عشرين شاباً، فيضيقون على المسلمين.
فنقول: ينبغي أن يخرجوا إلى الخارج، فالشوارع كثيرة، وإذا أرادوا أن يعدوا بعض إخوانهم ويخشون عليهم من الضياع، فليواعدوهم خارج المسعى، أو يواعدوهم داخل الحرم في موضعٍ معين؛ تحت المكبر أو غيره، بدلاً من أن يواعدوهم على المروة، فإن مكان المروة ضيق، فيكون المسلم بدلاً من أن يسعى في الدور الأسفل يسعى في الدور الأعلى، رغم أن الأَولى أن يسعى في الدور الأسفل.
الملحوظة الثالثة عشرة: التبرُّك بأبواب المسعى، وهذه من الملحوظات اللطيفة، وتوجد في الحج، أما في العمرة فقد لا توجد.
فمع الزحام الشديد وجدتُ امرأة تسعى، ووجدتُ بعض الصبية الصغار يركضون، وتعرفون أن أبواب المسعى كثيرة، فيرفع أحدهم حلقة أحد الأبواب ويضرب بها، فسَمِعَت تلك المرأةُ الضربَ، فأخذت تضرب، ثم جاء رجل ثالث فأخذ يضرب، فقلت: ربما وجدوا أجراً ما علمنا به! فقلت للشخص: لماذا تضرب؟! قال: وجدتُهم يضربون فضربتُ معهم.
قلت: لماذا؟! قال: والله ربما يكون في ذلك أجر! قلتُ: سبحان الله! وتسمع المسعى في قرقعةٍ وصوتٍ عجيب.
لماذا؟! لأن الناس في جهل، وتجد -من خفة الناس وجهلهم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم- أن أي شيء يحدث سرعان ما ينطلقون إليه، ويعملون به.
الملحوظة الرابعة عشرة: عدمُ استقبال القبلة حال الدعاء.
الملحوظة الخامسة عشرة: اعتقاد بعض الناس أن السعي يحتاج إلى وضوء، فيمكن للإنسان أن يسعى ولو كان على غير طهارة، ويمكن للمرأة أن تسعى ولو كانت حائضاً.
وهنا أنبِّه إلى لطيفة يسيرة: ينبغي لنا ألا نصلي في المسعى، ولا نضطر إلى الصلاة فيه إطلاقاً؛ لأن كثيراً من أهل العلم يقولون: إن المسعى ليس من المسجد الحرام، وليس له خصائص المسجد؛ لأن المرأة الحائض يجوز لها أن تسعى فيه، والمسجد لا يجوز لها أن تسعى فيه، فلا أجلس في المسعى، وأقول: الحمد لله! المسعى خالٍ، بل أنطلق حتى أدخل داخل الحرم، وإذا اضطررتُ إلى المسعى، فـ {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة:٢٨٦] .
الملحوظة السادسة عشرة: التوقيت بين الشباب أن يكون الانتهاء من السعي في وقت معين، وهذه من الملحوظات اللطيفة؛ حيث يذهب بعض الشباب إلى السعي مجتمعين، فإذا بدءوا في السعي يقولون: بعد ربع ساعة الموعد هناك، إياكم أن تتأخروا! سبحان الله! السعيُ عبادةٌ أم (مقاولةٌ) تنتهي بسرعة وينتهي الإشكال؟! السعيُ عبادة، فحينما يقف الإنسان ليدعو قد يخشع قلبُه فيدعو نصف ساعة، وهو منكسر بين يدي ربه.
أما أن يقول بعض الناس لبعضهم: إياكم أن تتأخروا! لكم ساعة إلا الساعة ربع وتنتهوا.
وإذا تأخر بعضهم قالوا لهم: لقد تأخرتم، لماذا تأخرتم؟! فمعنى ذلك: كأنهم يقولون لهم: لماذا تدعون الله تعالى؟! لماذا تطيلون في الدعاء؟! وهذا لا يجوز.
فينبغي أن نحرص على تطبيق السنة، فليس المقصودُ سرعةُ الانقضاء منها، فليست مشروعاً إنتاجياً أو مشروعاً معمارياً كلما أسرع صاحبه كان الفوز للأسبق، لا والله، إنما الفوز لمن خشع قلبه في هذه المواضع، والأجر لمن شعر بوقوفه بين يدي ربه في هذا الأمر.
الملحوظة السابعة عشرة: سرعة انقضاء السعي مِن قِبَل أصحاب العربات، فتجد صاحب العربة همه أن ينتهي، فتراه طائراً بِمَن عليها بسرعة، وراجعاً به بسرعة، فينسى المستأجر للعربة الدعاء وغيره.
فأقول لصاحب العربة: خذ عشرين ريالاً زيادةً، ودَعِ الوالدة تدعو، حتى تحصل لها السنة.
فصاحب العربة هَمُّه أن تنقضي السبعة الأشواط.
وبعض أصحاب العربات قد يخدع المستأجر، فيطوف به أربعة أشواط أو خمسة أشواط، ثم يقول له: هيا حوِّل.
والمستأجر مسكين، يسعى ولا يدري ما الأمر، ولا يعُدُّ معهم، بل يقول: الحمد لله، انتهينا بسرعة، جزاهم الله خيراً، هذا سريع! ولكن يمكن للابن أن يأخذ عربة لوالده أو والدته، والدولة -ولله الحمد- قد وضعت عربات مجانية، فيسعى بوالده أو والدته، فيحصل له الأجر ببره بوالده أو والدته.
الملحوظة الثامنة عشرة: النومُ في عربة المسعى حتى ينقضي به السعي، بعض الناس يركب العربة وينام، حتى إذا انقضى السعي أيقظوه: حَوِّل.
فيصبح المسعى نوماً.
وهذا من الجهل والخطأ، فأين مكان الدعاء والتضرع والانكسار بين يدي الله؟! وبعض الناس يمر بصاحب العربة، فيقول: يا ليتني كنتُ راكباً عربة لأستريح مثله.
وهذا من الخطأ والجهل.
الملحوظة التاسعة عشرة: عدم معرفة عدد أشواط الطواف أو السعي، فبعض الناس يطوف، ثم يسأل الذي بجانبه: كم طفنا نحن الآن؟! لا يدري كم طاف! يطوف مع الناس ماشياً ورائحاً فقط.
فأقول لإخواني: ينبغي للإنسان أن يعرف ويَعُد.
الملحوظة العشرون: وجود الخصومات بين الناس في بعض مواطن النُّسُك، فتجد عند المروة وعند الصفا يحصل أن تأتي أفواج عظيمة، فيختلفون، فيَرْكُزُ الإنسانُ منهم نفسَه في الأرض، ويتهيأ للدفاع والمخاصمة والقتال.
وهذا من الخطأ والجهل، فكان الأولى بالمسلم ألا يخاصم أحداً، وألا يقاتل أحداً.
الملحوظة الحادية والعشرون: عدم إكمال الشوط السابع، فبعض الناس قد لا يكمل الشوط السابع، يسعى حتى إذا وصل إلى الباب الأخير خرج من الباب، وإذا قيل له: لم يبقَ إلا عشرة أمتار فأكمِلْها، قال: الحمد لله انتهينا، وزملائي ينتظرونني.
فينبغي له أن يصعد إلى المروة، ثم ينزل مرة أخرى إلى الباب.
الملحوظة الثانية والعشرون: إسبال ملابس الإحرام، فتجد بعض الشباب يلبس إحراماً طويلاً ويُسْبِلُه، ويجعلُه يجرُّ معه.
فينبغي التنبه كذلك، فالنهي عن الإسبال ليس خاصاً بالثوب الذي عليك أو السراويل، بل حتى إزارك الذي تطوف به وتسعى، فلا تسبله وتجعله ينزل تحت الكعبين.
الملحوظة الثالثة والعشرون: حلقُ الرأس في المروة، فبعض الناس يحلق رأسه في المروة فيصبح مكان المروة مليئاً بالشعر، فتجد أحدهم مليئاً بالشعر، وخاصةً إذا كانت رِجْلاهُ خشنتين، فإنَّهما يَسْحَبان وَيَجُرَّان معهما من الشعر ومن الغث وغيره إلى خارج المروة.
وهذا من الخطأ.
فأقول: أخي في الله! لا ينبغي لك أن تقصر الشعر عند المروة إطلاقاً.
فأين تقصِّرُه؟! خارج المسجد؛ لأنك تقذر المسجد، فأين تنطلق بعد الحلق؟! تجد أنك بعد انتهائك من التقصير تحمل أقدامُك الشعرَ إلى أن تصل إلى المطاف، فأنت حينئذٍ تكون قد قذَّرت المسجد، فلا ينبغي لك إطلاقاً أن تقذِّر المسجد، بل ينبغي لك أن تحرص أشد الحرص على طاعة الله تعالى.
تنبيه: أنبِّه إخوتي الآباء: أن بعض الآباء -هداهم الله- ينطلقون إلى المسجد بالأسرة كاملة! فالأب يكون في بيت الله الحرام ما بين صلاة وقيام، وأبناؤه في الشوارع والطرقات يعاكسون النساء، ويقول: الحمد لله نحن منذ عشر سنين ونحن نتهجد لله عند الكعبة ونطوف، وأولاده منذ عشر سنين وهم مجرمون في الأس