ما نتيجة هذه الطائفة التي عملت ونصبت سواء عملت في الدنيا كثيراً ثم تعبت في الآخرة، أو أنها عملت في الدنيا ونصبت وتعبت في الدنيا، على كلا التفسيرين:{تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً}[الغاشية:٤] يقال: يصلى إذا أصابه حر النار.
وسبحان الله! نجد الله يقول:{تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً}[الغاشية:٤] ومجرد الصلي يكفي في حرارتها؛ لأنها تحيط بهم من كل مكان.
وذكر النار بعد (تصلى) وأنها حامية؛ لزيادة التهويل، ولزيادة الإرهاب والإفزاع من يوم القيامة، وذلك يبين لنا أنها تجاوزت في الحد مقدارها المعروف؛ لأن الحمي عليها من لوازم النار، وهذا يدل على شدة حمي النار.
ويصبح هؤلاء في دركات النار -نعوذ بالله من النار- ولقد رآها النبي صلى الله عليه وسلم وفزع منها أشد الفزع، ورآها النبي صلى الله عليه وسلم وتأثر منها تأثراً عجيباً وهو يقول:(أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار) رآها رأي العين يحطم بعضها بعضاً: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنْ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ}[الملك:٨] تبحث عن أهلها تريد أن تلتهمهم، ونعوذ بالله أن نكون من أهل هذه النار.
ولهذا كان دعاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في يوم الغاشية؛ هذا اليوم العظيم:(اللهم سلم سلم، اللهم سلم سلم) هم في فزعٍ وهلع وهم أنبياء الله! دعاؤهم: (اللهم سلم سلم) حين يذهبون إلى آدم ونوح وإبراهيم، ما يزيد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أن يقولوا للناس:(إن الله قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله) ويقول النبي: (نفسي نفسي، نفسي نفسي) مع عظم منزلتهم عند الله وكرامتهم على ربهم.
وهذا يدلنا على أن من كان بالله أعرف كان منه أخوف، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول:(لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، ولذهبتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله، ولما تلذذتم بالنساء على الفرش) .
أي شيء رآه المصطفى؟ إنه رأى النار وما فيها من الفزع والهلع.