أولاً: إن الإيمان بالقضاء والقدر يوجب للمسلم ارتياحاً، فلا يمرض نفسياً، إن الكفار متى حدثت بهم أدنى مصيبة جزعوا ولجئوا إلى الانتحار، أو البعد عن الواقع بمخدرات أو غيرها، أما أمة الإسلام فمهما أصابها من الشدائد والابتلاء لا تلجأ إلى هذا الشيء، بل تتمسك بعقيدتها؛ لأن لديها أصولاً إيمانية تجعل نفسها تستقر استقراراً كاملاً: ثانياً: إن المؤمن بالقضاء والقدر يوجد له أثر أنه لا يتكبر ولا يتجبر، فإما أن يكون الإنسان عنده كثرة مال، فالمال مال الله هو الذي أعطاك إياه، هل أنا أعلم ماذا أكسب غداً؟ لا أعلم أبداً، فالمال أولاً وآخراً هو من الله سبحانه وتعالى، فلم تتكبر؟ والمعطي الحقيقي هو الله، حتى ولو كان لديك قوة جسدية، فالله هو الذي أعطاك إياها سبحانه وتعالى، لست أنت الذي أعطيت نفسك، فعند ذلك لا مجال للتكبر والتجبر على عباد الله.
إن العبد إذا أصابه الخير فإنه لا يبطر، بل إنه يسبب له هذا الخير شكر الله تعالى وحمده وتصديقه، والإيمان به، ويزداد في عبادة الله، لكن إن أصابه الشر صبر على ذلك ورضي بقضاء الله وقدره.
ثالثاً: إن من آثار الإيمان بالقضاء والقدر أنه يسحب الأمراض التي توجد بين الناس، كم هم التجار الذين يتنافسون في جمع الدينار والدرهم؟ فإذا باع صاحبه نافسه هو وأوجد له حسداً، كم هم الطلاب الذين يكونون في الفصل ويوجد بينهم التنافس والحسد والحقد؟ لماذا يأخذ درجات أكثر مني؟! ولم هذا كسب من المال؟! إن ذلك من الله تعالى ليس منك، يجب أن نعلم أن الإيمان بالقضاء والقدر يوجب للإنسان شجاعةً وصبراً عند الشدائد، وثباتاً في ساحات القتال، إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.
رابعاً: خالد بن الوليد الشجعان من الصحابة رضي الله عنهم، ألم يدخل المعارك كلها وما قتل رضي الله عنه، وتمنى الشهادة وما تحققت له، يبحث عن الموت في كل موقعة، وفي كل مكان، ولم يقتل رضي الله عنه وأرضاه.
إن المؤمن بالقضاء والقدر يعلم أن الأجل بيد الله:{فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ}[الأعراف:٣٤] ويبين لنا في قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ}[آل عمران:١٥٤] .
البراء بن مالك في حديقة الموت يقول للصحابة:[ارفعوني على الرماح حتى أقفز على الحديقة] وينزل على الأعداء أجمع يعلم أن الأجل بيد الله، ويقاتل الأعداء ثم يفتح باب الحصن ويكبر الصحابة فيدخلون، وينصرهم الله بنصر من عنده.
خامساً: إن من آثار إيماننا بقضاء الله وقدره يوجب على الداعية إلى الله تعالى أن يصدع بالحق، لا يخاف في الله لومة لائم؛ لأنه يثق بأن الأجل بيد الله، وإن الرزق هو بيد الله تعالى، ليس بيد أحد كائناً من كان ذلك الإنسان، فلذلك يجب أن نعلم أن لهذا القضاء والقدر آثاراً علينا.
سادساً: إن الإيمان بالقضاء والقدر يوجب علينا أن نتوكل على الله سبحانه وتعالى حق توكله، إلى غير ذلك من الآثار.