ننطلق إلى الجزئية الثانية: كيف كانت حالة العرب قبل هذه العقيدة التي ننعم نحن بها؟ كان العرب في الجاهلية يدينون لعدة آلهة، لا يعبدون إلهاً واحداً.
حصين لما جاء للنبي قال له صلى الله عليه وسلم:(كم تعبد؟ قال: أعبد سبعة؛ ستة في الأرض وواحداً في السماء، قال: إذا أصابتك الشدائد أين تلتجئ؟ قال: للذي في السماء، قال: فاعبد الذي في السماء واترك التي في الأرض) .
كان حول هذه الكعبة المشرفة من الأصنام التي تعبدها العرب ثلاثمائة وستون صنماً، يطوفون حولها، ويذبحون لها وينذرون إلى غير ذلك.
كانوا لا يلتزمون بالشرع، يحلون ما شاءوا ويحرمون ما شاءوا، وينسبون لله الولد، ويجعلون البنات لله سبحانه وتعالى.
كانت حياتهم مليئة بالمنكرات كانوا يقتلون أولادهم خشية إملاق، كانوا يئدون البنات مخافةً من العار، كان يغزو بعضهم بعضاً، ويفتك بعضهم ببعض، تقوم الحرب وتبقى سنوات طويلة لأتفه الأسباب؛ لأن جملاً ورد على حوض أناس فلطموه ثم قامت الحرب ويقتل الرجال، ويسبى النساء والأولاد، ويقول شاعرهم:
وهل أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد
أي: تبعاً لقبيلته.
وكذلك يقول الآخر:
ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه يهدم ومن لا يظلم الناس يُظلم
وكانت الشعوب المجاورة أيام الجاهلية، بعضها قد دخلت تحت ألوية كافرة؛ فالمناذرة تحت الفرس، والغساسنة تحت الروم، وأهل اليمن كانوا تحت حكم الحبشة، ولم يكن لهم دين ولا عز ولا تمكين.
ثم جاءتهم هذه العقيدة فنشروا دين الله في أصقاع الدنيا، وأصبح لهم تأثير عظيم في تاريخ الأمة إلى قيام الساعة، بمقتضى قول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم) ويبينها النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم (الذين يصلحون ما أفسد الناس)(أو أنهم يصلحون إذا فسد الناس) وانطلقوا من هذه الجزيرة ليشعوا للناس نور الله الذي أنزله الله عليهم.