الأدب الثاني عشر: ينبغي للمسلم في سفره وانطلاقه إلى مكة أن يستشعر السفر إلى الله تعالى، فإنا والله من هذه الدنيا مسافرون، ما منا أحد يقول: إنه مقيم سيخلد في هذه الدنيا، تمر بنا الليالي والأيام وهي المراحل ثم يقال للإنسان: قف، فإن السفر إلى الله قد وقف إلى هذا الحد، فمن الناس من أعد العدة لهذا السفر، وأعد الخير والأجر والثواب، فهنالك هنيئاً لذلكم الرجل، ومن الناس من جمع إساءة وتقصيراً، فمسكينٌ هذا الرجل.
فإن الإنسان يخلِّف أهله، ويخلف بيته ومسكنه، ويترك أولاده خلف ظهره، وينطلق إلى مكة، يرغب في الأجر والثواب، فليستشعر أنه مسافر إلى الله تعالى.
إن المسلم حينما ينطلق إلى مكة واللهِ لكأنه مسافر إلى القبر، فإن الإنسان يترك أولاده وذريته، فالميت يترك المال والأهل والذرية خلف ظهره، ثم ينطلق إلى بيت الله الحرام، ونحن حينما ننطلق إلى القبور ننطلق إلى الأعمال، فمن قدم خيراً هنيئاً، ومن كانت الأخرى فنسأل الله ألا نكون من هؤلاء الذين قصروا مع ربهم، وتكون قبورهم -نعوذ بالله- حفراً من حفر النار.