مُسْتَنَدٍ مِنْكَ وَلَا مِنْ رَسُولِكَ، وَآتِيكَ بَدَلَهُ بِالْوَصْفِ اللَّائِقِ بِكَ. فَالْيَدُ مَثَلًا الَّتِي وَصَفْتَ بِهَا نَفْسَكَ لَا تَلِيقُ بِكَ لِدَلَالَتِهَا عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْجَارِحَةِ، وَأَنَا أَنْفِيهَا عَنْكَ نَفْيًا بَاتًّا، وَأُبْدِلُهَا لَكَ بِوَصْفٍ لَائِقٍ بِكَ وَهُوَ النِّعْمَةُ أَو الْقُدْرَة مثلا أَو الْجُود. {سُبْحَانَكَ هَاذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} . {فَاتَّقُواْ اللَّهَ ياأُوْلِى الأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُواْ قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} .
وَمِنَ الْغَرِيبِ أَنَّ بَعْضَ الْجَاحِدِينَ لصفات الله المؤولين لَهَا بِمَعَانٍ لَمْ تَرِدْ عَنِ اللَّهِ وَلَا عَنْ رَسُولِهِ يُؤْمِنُونَ فِيهَا بِبَعْضِ الْكِتَابِ دُونَ بَعْضٍ.
فَيُقِرُّونَ بِأَنَّ الصِّفَاتِ السَّبْعَ الَّتِي تُشْتَقُّ مِنْهَا أَوْصَافٌ ثَابِتَةٌ لِلَّهِ مَعَ التَّنْزِيهِ، وَنَعْنِي بِهَا الْقُدْرَةُ وَالْإِرَادَةُ وَالْعِلْمُ وَالْحَيَاةُ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْكَلَامُ، لِأَنَّهَا يُشْتَقُّ مِنْهَا قَادِرٌ حَيٌّ عَلِيمٌ إِلَخْ.
وَكَذَلِكَ فِي بَعْضِ الصِّفَاتِ الْجَامِعَةِ كَالْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْمُلْكِ وَالْجَلَالِ مَثَلًا، لِأَنَّهَا يُشْتَقُّ مِنْهَا الْعَظِيمُ الْمُتَكَبِّرُ وَالْجَلِيلُ وَالْمَلِكُ، وَهَكَذَا يَجْحَدُونَ كُلَّ صِفَةٍ ثَبَتَتْ فِي كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُشْتَقَّ مِنْهَا غَيْرُهَا كَصِفَةِ الْيَدِ وَالْوَجْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا التَّفْرِيقَ بَيْنَ صِفَاتِ اللَّهِ الَّتِي أَثْبَتَهَا لِنَفْسِهِ أَوْ أَثْبَتَهَا لَهُ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا وَجْهَ لَهُ الْبَتَّةَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ.
وَلَمْ يَرِدْ عَنِ اللَّهِ وَلَا عَنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِذْنُ فِي الْإِيمَانِ بِبَعْضِ صِفَاتِهِ وَجَحْدِ بَعْضِهَا، وَتَأْوِيلِهِ لِأَنَّهَا لَا يُشْتَقُّ مِنْهَا.
وَهَلْ يَتَصَوَّرُ عَاقِلٌ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ الِاشْتِقَاقِ مُسَوِّغًا لَجَحْدِ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ؟
وَلَا شَكَّ عِنْدَ كُلِّ مُسْلِمٍ رَاجَعَ عَقْلَهُ، أَنَّ عَدَمَ الِاشْتِقَاقِ لَا يُرَدُّ بِهِ كَلَامُ اللَّهِ، فِيمَا أَثْنَى بِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا كَلَامُ رَسُولِهِ فِيمَا وَصَفَ بِهِ رَبَّهُ.
وَالسَّبَبُ الْمُوجِبُ لِلْإِيمَانِ إِيجَابًا حَتْمًا كُلِّيًّا هُوَ كَوْنُهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute