للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَعَذَّبَ بِالنَّارِ، كَمَا أَنَّ أَصْلَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ مِنْ حمإٍ مَسْنُونٍ، وَمِنْ صَلْصَالٍ كالفخَّار، وَبَعْدَ خَلْقِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْذِيبَ بِالصَّلْصَالِ وَلَا بِالْفَخَّارِ، فَقَدْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِضَرْبَةٍ مِنْ قِطْعَةٍ مِنْ فخَّار. وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.] (١) .

- لَا رسل من الْجِنّ.

[قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ} . قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْمُرَادُ بِالرُّسُلِ مِنَ الْجِنِّ نُذُرُهُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلَامَ الرُّسُلِ، فَيُبَلِّغُونَهُ إِلَى قَوْمِهِمْ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ أَنَّهُمْ مُنْذِرُونَ لِقَوْمِهِمْ فِي قَوْلِهِ: {وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُواْ أَنصِتُواْ فَلَمَّا قُضِىَ وَلَّوْاْ إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ} .

وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: {رُسُلٌ مِّنْكُمْ} أَيْ مِنْ مَجْمُوعِكُمُ الصَّادِقِ بِخُصُوصِ الْإِنْسِ: لِأَنَّهُ لَا رُسُلَ مِنَ الْجِنِّ، وَيُسْتَأْنَسُ لِهَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقُرْآنَ رُبَّمَا أُطْلِقَ فِيهِ الْمَجْمُوعُ مُرَادًا بَعْضُهُ، كَقَوْلِهِ: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً} ، وَقَوْلِهِ: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا} ، مَعَ أَنَّ الْعَاقِرَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، كَمَا بَينه بقوله: {فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ} ] (٢) .

- هَل ينْكح الْإِنْس الْجِنّ، أَو الْعَكْس، وَحكمه؟

[فِي قَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} رَدٌّ عَلَى الْعَرَبِ الَّتِي كَانَتْ تَعْتَقِدُ أَنَّهَا كَانَتْ تَزَوَّجُ الْجِنَّ وَتُبَاضِعُهَا. حَتَّى رُوِيَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ يُرْبُوعِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ مَالِكٍ تزوج سعلاة مِنْهُم، وَكَانَ يخبؤوها عَنْ سَنَا الْبَرْقِ لِئَلَّا تَرَاهُ فَتَنْفِرُ. فَلَمَّا كَانَ فِي بعض اللَّيَالِي لمع الْبَرْق


(١) - ٨/٣٩٤، الْملك / ٥.
(٢) - ٢/١٨٨، الْأَنْعَام / ١٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>