للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِذَلِكَ هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ، فَالِاسْتِدْلَالُ بِالْآيَةِ، اسْتِدْلَالٌ قُرْآنِيٌّ صَحِيحٌ، وَالْقَرِينَةُ الْقُرْآنِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ، هِيَ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي تِلْكَ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي الَّتِي خَاطَبَ بِهَا رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّتِي أَوَّلُهَا {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ} . مَا هُوَ صَرِيحٌ، فِي أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِذَلِكَ هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا عُمُومُ كُلِّ مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْخُطَّابُ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ مِمَّآ أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِى جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا} .] . (١)

- نسَاء الْأَنْبِيَاء معصومات من الزِّنَا.

[قَوْله تَعَالَى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِينَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً} . أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ هُنَا عَلَى أَنَّ الْخِيَانَةَ لَيْسَتْ زَوْجِيَّةً.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نِسَاءُ الْأَنْبِيَاءِ مَعْصُومَاتٌ، وَلَكِنَّهَا خِيَانَةٌ دِينِيَّةٌ بِعَدَمِ إِسْلَامِهِنَّ وَإِخْبَارِ أَقْوَامِهِنَّ بِمَنْ يُؤْمِنَّ مَعَ أَزوَاجهنَّ اهـ.

وَقَدْ يُسْتَأْنَسُ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا بِتَحْرِيمِ التَّزَوُّجِ مِنْ نِسَاءِ النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ، وَالتَّعْلِيلُ لَهُ بِأَنَّ ذَلِكَ يُؤْذِيهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُواْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلكمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً} .

فَإِذَا كَانَ تَسَاؤُلُهُنَّ بِدُونِ حِجَابٍ يُؤْذِيهِ، وَالزَّوَاجُ بِهِنَّ مِنْ بَعْدِهِ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ غَيْرُ التَّسَاؤُلِ وَبِغَيْرِ الزَّوَاجِ؟ إِنَّ مَكَانَةَ الْأَنْبِيَاءِ عِنْدَ اللَّهِ أعظم من ذَلِك.] (٢) .


(١) - ٧/٢٥: ٢٧، ص/٢٤.
(٢) - ٨/٣٨١، التَّحْرِيم / ١٠، وَانْظُر أَيْضا (٨/٥٣٨) (نوح /٢٦ - ٢٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>