للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ أَدْرَاهُ هُنَا بِقَوْلِهِ: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ} ، وَهَذَا حَالٌ مِنْ أَحْوَالِهَا.

وَقَدْ بَيَّنَ بَعْضَ الْأَحْوَالِ الْأُخْرَى فِي الْوَاقِعَةِ بِأَنَّهَا خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ، وَفِي الطَّامَّةِ وَالصَّاخَّةِ: يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ. وَقَوْلِهِ: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ} .

وَأَيْضًا فَإِنَّ كُلَّ حَالَةٍ يَذْكُرُ مَعَهَا الْحَالَ الَّذِي يُنَاسِبُهَا، فَالْقَارِعَةُ مِنَ الْقَرْعِ وَهُوَ الضَّرْبُ، نَاسَبَ أَنْ يَذْكُرَ مَعَهَا مَا يُوهِنُ قُوَى الْإِنْسَانِ إِلَى ضِعْفِ الْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ، وَيُفَكِّكُ ترابط الْجبَال إِلَى هباء العهن المنفوش.] (١) .

وَقَالَ أَيْضا: [قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ} . يَوْمُ الْجَمْعِ هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَقَالَ الشَّيْخُ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ: ظَرْفٌ مَنْصُوبٌ بِاذْكُرْ مُقَدَّرَةٍ أَوْ بِقَوْلِهِ {خَبِيرٌ} .

فَيَكُونُ الْمَعْنَى: أَنَّهُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ خَبِيرٌ بِأَعْمَالِكُمْ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ فَيُجَازِيكُمْ عَلَيْهَا، سُمِّيَ يَوْمَ الْجَمْعِ لِأَنَّهُ يُجْمَعُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يَسْمَعُهُمُ الدَّاعِي وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ} .] (٢) .

- إِنْكَار الْكفَّار ليَوْم الْقِيَامَة وتوعدهم على ذَلِك بالسعير.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {بَلْ كَذَّبُواْ بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً} . ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ الْكُفَّارَ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ أَيْ أَنْكَرُوا الْقِيَامَةَ مِنْ أَصْلِهَا لِإِنْكَارِهِمُ الْبَعْثَ بعد الْمَوْت وَالْجَزَاء، وَأَنه جلّ


(١) - ٩/٤٥٧: ٤٥٩، القارعة / ١: ٣.
(٢) - ٨/٣٤٠ - ٣٤١، التغابن / ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>