للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَوَابا فَإِنَّكُم مسؤولون مُحَاسَبُونَ، يَا مَلَائِكَتِي، أَقِيمُوا عِبَادِي صُفُوفًا عَلَى أَطْرَافِ أَنَامِلِ أَقْدَامِهِمْ لِلْحِسَابِ» (١) . قُلْتُ: هَذَا الْحَدِيثُ غَايَةٌ فِي الْبَيَانِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَدْ كَتَبْنَاهُ فِي كِتَابِ التَّذْكِرَةِ وَمِنْهُ نَقَلْنَاهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. انْتَهَى كَلَامُ الْقُرْطُبِيِّ. وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ «صَفًّا» فِي هَذِهِ الْآيَةِ يُرَادُ بِهِ صُفُوفًا. كَقَوْلِهِ فِي الْمَلَائِكَةِ: {وَجَآءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} . وَنَظِيرُ الْآيَةِ قَوْلُهُ فِي الْمَلَائِكَةِ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً} .

فَإِذَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ حَالًا مِنْ أَحْوَالِ عَرْضِ الْخَلَائِقِ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ بَيَّنَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ أَشْيَاءَ أُخَرَ مِنْ أَحْوَالِ عَرْضِهِمْ عَلَيْهِ. كَقَوْلِهِ: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ} . وَبَيَّنَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ مَا يُلَاقِيهِ الْكُفَّارُ، وَمَا يُقَالُ لَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ الْعَرْضِ عَلَى رَبِّهِمْ. كَقَوْلِهِ: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} .] (٢) .

- مَا جَاءَ فِي تطاير الصُّحُف.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِى عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ


(١) - لم أَقف عَليّ إِسْنَاده لانظر فِيهِ، وَكتاب التَّوْحِيد لِابْنِ مَنْدَه لَا تطوله يَدي الْآن، وَقد علمت أَنه من مطبوعات مكتبة الْعُلُوم وَالْحكم بتحقيق د. /عَليّ الفقيهي، وَعزا المتقي الْهِنْدِيّ هَذَا الحَدِيث للديلمي فِي مُسْند الفردوس من حَدِيث معَاذ - رَضِي الله عَنهُ -، وَقَالَ الشَّيْخ مجدي السَّيِّد فِي تَحْقِيق التَّذْكِرَة: حَدِيث ضَعِيف، قَالَ ابْن السُّبْكِيّ: لم أجد لَهُ إِسْنَادًا.
(٢) - ٤/١٢٣ - ١٢٤، الْكَهْف / ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>