للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَءِلَاهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) ، وَقَوْلُهُ: (اللَّهُ الَّذِى خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مِّن شَىْءٍ) وَلَا شَكَّ أَنَّ الْجَوَابَ الَّذِي لَا جَوَابَ لَهُم غَيره هُوَ: لاا أَيْ لَيْسَ مِنْ شُرَكَائِنَا مَنْ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الْمَذْكُورِ مِنَ الْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَالْإِمَاتَةِ وَالْإِحْيَاءِ. فَلَمَّا تَعَيَّنَ اعْتِرَافُهُمْ وَبَّخَهُمْ مُنْكِرًا عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) .

وَالْآيَاتُ بِنَحْوِ هَذَا كَثِيرَةٌ جَدًّا. وَلِأَجْلِ ذَلِكَ ذَكَرْنَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ: أَنَّ كُلَّ الْأَسْئِلَةِ المتعلِّقة بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ اسْتِفْهَامَاتُ تَقْرِيرٍ، يُرَادُ مِنْهَا أَنَّهُمْ إِذَا أَقَرُّوا رَتَّبَ لَهُمُ التَّوْبِيخَ وَالْإِنْكَارَ عَلَى ذَلِكَ الْإِقْرَارِ. لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِالرُّبُوبِيَّةِ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِالْأُلُوهِيَّةِ ضَرُورَةً؛ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: (أَفِى اللَّهِ شَكٌّ) ، وَقَوْلِهِ: (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِى رَبًّا) وَإِنَّ زَعَمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذَا اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ، لِأَنَّ اسْتِقْرَاءَ الْقُرْآنِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِفْهَامَ المتعلِّق بِالرُّبُوبِيَّةِ اسْتِفْهَامُ تَقْرِيرٍ وَلَيْسَ اسْتِفْهَامَ إِنْكَارٍ، لِأَنَّهُمْ لَا يُنْكِرُونَ الرُّبُوبِيَّةَ، كَمَا رَأَيْتَ كَثْرَةَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ] (١) .

فصل: بَيَان الْأَدِلَّة على وجود الرب تبَارك وَتَعَالَى:

أَدِلَّة كونية:

[قَوْلُهُ تَعَالَى: (هُوَ الَّذِى يُرِيكُمْ آيَاتِهِ) . ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، أَنَّهُ جَلَّ وَعَلَا هُوَ الَّذِي يُري خَلْقَهُ آيَاتِهِ، أَيِ الْكَوْنِيَّةَ الْقَدَرِيَّةَ لِيَجْعَلَهَا عَلَامَاتٍ لَهُمْ عَلَى ربوبيته، واستحقاقه الْعِبَادَة وَحده وَمن تِلْكَ


(١) - ٣/٣٧٤ - ٣٧٦، بني إِسْرَائِيل / ٩، وَانْظُر (٦/٦٢٠، ٦٢١، سبأ / ٢٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>