للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ: نَاظِرْنِي فِي الْإِسْلَامِ وَالْمَسِيحِيَّةِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ فَقَالَ الْعَالِمُ لِلنَّصْرَانِيِّ: هَلُمَّ إِلَى الْمُنَاظَرَةِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ أَحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ أَمِ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ؟

فَقَالَ الْعَالِمُ: الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ أَحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ مِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ. فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: إِذَنْ يَلْزَمُكُمُ اتِّبَاعُ عِيسَى مَعَنَا، وَتَرْكُ اتِّبَاعِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّنَا نَحْنُ وَأَنْتُمْ نَتَّفِقُ عَلَى نُبُوَّةِ عِيسَى، وَنُخَالِفُكُمْ فِي نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَقَالَ الْمُسْلِمُ: أَنْتُمُ الَّذِينَ تَمْتَنِعُونَ مِنْ اتِّبَاعِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ عِيسَى قَالَ لَكُمْ: {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِى مِن بَعْدِى اسْمُهُ أَحْمَدُ} ، فَلَوْ كُنْتُمْ مُتَّبِعِينَ عِيسَى حَقًّا لَاتَّبَعْتُمْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَظَهَرَ أَنَّكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ لَمْ تَتَّبِعُوا الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ وَلَا غَيْرَهُ، فَانْقَطَعَ النَّصْرَانِيُّ.

وَلَا شَكَّ أَنَّ النَّصَارَى لَوْ كَانُوا مُتَّبِعِينَ عِيسَى؛ لَاتَّبَعُوا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.] (١) .

- سيدنَا عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - حيّ فِي السَّمَاء، وسينزل آخر الزَّمَان قرب قيام السَّاعَة.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا} التَّحْقِيقُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: {وَإِنَّهُ} رَاجِعٌ إِلَى عِيسَى لَا إِلَى الْقُرْآنِ، وَلَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَمَعْنَى قَوْلِهِ: {لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ} عَلَى الْقَوْلِ الْحَقِّ الصَّحِيحِ الَّذِي يَشْهَدُ لَهُ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ، وَالسُّنَّةُ الْمُتَوَاتِرَةُ، هُوَ أَنَّ نُزُولَ عِيسَى فِي آخِرِ الزَّمَانِ، حَيًّا عِلْمٌ لِلسَّاعَةِ أَيْ عَلَامَةٌ لِقُرْبِ مَجِيئِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَشْرَاطِهَا الدَّالَّةِ عَلَى قُرْبِهَا.

وَإِطْلَاقُ عِلْمِ السَّاعَةِ عَلَى نَفْسِ عِيسَى، جَارٍ عَلَى أَمريْن، كِلَاهُمَا أسلوب عَرَبِيّ مَعْرُوف.


(١) - ٢ / ٩٦، الْمَائِدَة / ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>