للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .

الْخَامِسُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} .] (١) .

- نفخة الْبَعْث، وخروجهم مُسْرِعين لِلْحسابِ.

[قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنُفِخَ فِى الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ} ذَكَرَ جلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ النَّفْخَةَ الْأَخِيرَةَ، والصُّور قَرْنٌ مِنْ نُورٍ يَنْفُخُ فِيهِ الْمَلَكُ نَفْخَةَ الْبَعْثِ، وَهِيَ النَّفْخَةُ الْأَخِيرَةُ، وَإِذَا نَفَخَهَا قَامَ جَمِيعُ أَهْلِ الْقُبُورِ مِنْ قُبُورِهِمْ، أَحْيَاءً إِلَى الْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ.

وَقَوْلُهُ: {فَإِذَا هُم مّنَ الأَجْدَاثِ} ، جَمْعُ جَدَثٍ بِفَتْحَتَيْنِ، وَهُوَ الْقَبْرُ، وَقَوْلُهُ: {يَنسِلُونَ} ، أَيْ: يُسْرِعُونَ فِي الْمَشْيِ مِنَ الْقُبُورِ إِلَى الْمَحْشَرِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} ، وَقَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً} ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} ، وَقَوله: {مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} ، أَيْ: مُسْرِعِينَ مَادِّي أَعْنَاقِهِمْ عَلَى أَشْهَرِ التَّفْسِيرَيْنِ (٢) ، وَمن


(١) - ٣/٢٠٣ - ٣٠٤، النَّحْل / ١١ - ١٢، وَانْظُر الْمَوَاضِع التالية: (١/٢٣ - ٢٤) (الْمُقدمَة) ، (١/٤٥ - ٤٦) (الْبَقَرَة/٢١ -٢٢) ، (١/٦٨) (الْبَقَرَة/٧٢ - ٧٣) ، (٦/٦٧٧: ٦٨٠) (الصافات / ١١) ، (٧/٢١٠) (الزخرف / ١١) ، (٧/٦٤٧) (ق/١٥) ، (٨/٥٢٩) (نوح / ١٥: ١٨) ، (٩/٧: ٩) (النبأ/ ١: ٥) ، وَغَيرهَا الْكثير من الْمَوَاضِع ...
(٢) - قَالَ الْعَلامَة الشنقيطي (٣/١٠١) (إِبْرَاهِيم / ٤٣) : [قَوْلُهُ تَعَالَى: {مُهْطِعِينَ} الْإِهْطَاعُ فِي اللُّغَةِ: الْإِسْرَاعُ، وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ أَنَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَأْتُونَ مُهْطِعِينَ أَيْ مُسْرِعِينَ إِذَا دُعُوا لِلْحِسَابِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} . وَقَوْلِهِ: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} وَقَوْلِهِ: {يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ} إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
وَمِنْ إِطْلَاقِ الْإِهْطَاعِ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى الْإِسْرَاعِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
بِدِجْلَةَ دَارُهُمْ وَلَقَدْ أَرَاهُمْ ... بِدِجْلَةَ مُهْطِعِينَ إِلَى السَّمَاعِ
أَي مُسْرِعين إِلَيْهِ] .

<<  <  ج: ص:  >  >>