فصل سيدنَا عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَام -
- قصَّة ولادَة سيدنَا عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - وَبَعض صِفَاته.
قَالَ الْعَلامَة الشنقيطي - رَحمَه الله - مَا ملخصه: [قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِياً} . أَمَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنْ يَذْكُرَ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ الْقُرْآنُ «مَرْيَمَ» حِينَ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا. وَقَوْلُهُ «انْتَبَذَتْ» أَيْ تنحَّت عَنْهُمْ وَاعْتَزَلَتْهُمْ مُنْفَرِدَةً عَنْهُمْ، وَقَوْلُهُ {مَكَاناً شَرْقِياً} أَي مِمَّا يَلِي شَرْقي بَيت الْمُقَدّس ... وَلَمْ يَذْكُرْ هُنَا شَيْئًا عَنْ نَسَبِ «مَرْيَمَ» وَلَا عَنْ قِصَّةِ وِلَادَتِهَا. وَبَيَّنَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّهَا ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَأَنَّ أُمَّهَا نَذَرَتْ مَا فِي بَطْنِهَا مُحَرَّرًا، تَعْنِي لِخِدْمَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، تَظُنُّ أَنَّهَا سَتَلِدُ ذَكَرًا «فَوَلَدَتْ مَرْيَمَ» . قَالَ فِي بَيَانِ كَوْنِهَا ابْنَةَ عِمْرَانَ: {وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَّتِى أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} . وَذَكَرَ قِصَّةَ وِلَادَتِهَا فِي «آلِ عِمْرَانَ» فِي قَوْله: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّى وَضَعْتُهَآ أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالاٍّنثَى وَإِنِّى سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} .
وَقَوْلُهُ «مَكَانًا» مَنْصُوبٌ لِأَنَّهُ ظَرْفٌ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِم حِجَاباً فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا} .
أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ «رُوحَنَا» جِبْرِيلُ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ} ، وَقَوْلُهُ:
{قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute