للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَائِزًا فِي شَرْعِهِ، وَأَمَّا سُنَّةُ النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهِيَ التَّزْوِيجُ وَعَدَمُ التَّبَتُّلِ. أَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْحَصُورَ فَعُولٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وَأَنَّهُ مَحْصُورٌ عَنِ النِّسَاءِ لِأَنَّهُ عِنِّينٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى إِتْيَانِهِنَّ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِأَنَّ الْعُنَّةَ عَيْبٌ وَنَقْصٌ فِي الرِّجَالِ، وَلَيْسَتْ مِنْ فِعْلِهِ حَتَّى يُثْنَى عَلَيْهِ بِهَا. فَالصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ هُوَ مَا ذَكَرْنَا، وَاخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ. وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْحَصُورَ هُوَ الَّذِي لَا يَدْخُلُ مَعَ الْقَوْمِ فِي الْمَيْسِرِ كَمَا قَالَ الْأَخْطَلُ:

وَشَارِبٍ مُرْبِحٍ بِالْكَأْسِ نَادَمَنِي ... لَا بِالْحَصُورِ وَلَا فِيهَا بِسَوَّارِ

قَوْلٌ لَيْسَ بِالصَّوَابِ فِي مَعْنَى الْآيَةِ. بَلْ مَعْنَاهَا هُوَ مَا ذَكَرْنَا وَإِنْ كَانَ إِطْلَاقُ الْحَصُورِ عَلَى ذَلِكَ صَحِيحًا لُغَةً. وَقَوْلُهُ «وَنَبِيًّا» عَلَى قِرَاءَةِ نَافِعٍ بِالْهَمْزَةِ مَعْنَاهُ وَاضِحٌ، وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، مِنَ النَّبَأِ وَهُوَ الْخَبَرُ الَّذِي لَهُ شَأْن، لِأَن الْوَحْي خبر لهشأن يُخْبِرُهُ اللَّهُ بِهِ. وَعَلَى قِرَاءَةٍ بِالْيَاءِ الْمُشَدَّدَةِ فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مَعْنَاهُ كَمَعْنَى قِرَاءَةِ نَافِعٍ، إِلَّا أَنَّ الْهَمْزَةَ أُبْدِلَتْ يَاءً وَأُدْغِمَتْ فِيهَا لِلْيَاءِ الَّتِي قَبْلَهَا. وَعَلَى هَذَا فَهُوَ كَالْقِرَاءَتَيْنِ السَّبْعِيَّتَيْنِ فِي قَوْلِهِ {إِنَّمَا النَّسِىءُ زِيَادَةٌ فِى الْكُفْرِ} بِالْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: هُوَ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ مِنَ النَّبْوَةِ بِمَعْنَى الِارْتِفَاعِ لِرِفْعَةِ النَّبي وَشَرَفِهِ. وَالصَّالِحُونَ: هُمُ الَّذِينَ صَلَحَتْ عَقَائِدُهُمْ، وَأَعْمَالُهُمْ. وَأَقْوَالُهُمْ، وَنِيَّاتُهُمْ، وَالصَّلَاحُ ضِدُّ الْفَسَادِ. وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى يَحْيَى بِالصَّلَاحِ مَعَ مَنْ وَصَفَ بِذَلِكَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فِي سُورَةِ «الْأَنْعَامِ» فِي قَوْلِهِ: {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ} .] (١) .


(١) - ٤/٢٤٥: ٢٥٤، مَرْيَم / ١٢: ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>