للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا قَالَ تَعَالَى: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا} ، وَقَوْلِهِ: {وَقَالُواْ اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً} . فَلِشَنَاعَةِ هَذِهِ الْفِرْيَةِ قَدَّمَ ذِكْرَهَا، ثُمَّ الرَّدُّ عَلَى عَدَمِ إِمْكَانِهَا بِقَوْلِهِ: {وَمَا يَنبَغِى لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً إِن كُلُّ مَن فِى السَّمَوَات وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} .

وَقَدْ قَدَّمْنَا دَلِيلَ الْمَنْعِ عَقْلًا وَنَقْلًا.

وَهُنَا سُؤَالٌ أَيْضًا، وَهُوَ إِذَا كَانَ ادِّعَاءُ الْوَلَدِ قَدْ وَقَعَ، وَجَاءَ الرَّدُّ عَلَيْهِ: فَإِنَّ ادِّعَاءَ الْوِلَادَةِ لَمْ يَقَعْ، فَلِمَاذَا ذَكَرَ نَفْيَهُ مَعَ عَدَمِ ادِّعَائِهِ؟

وَالْجَوَابُ واللَّه تَعَالَى أَعْلَمُ: أَنَّ مَنْ جَوَّزَ الْوِلَادَةَ لَهُ وَأَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ، فَقَدْ يجوز الْولادَة عَلَيْهِ، وَأَن يكود مَوْلُودًا فَجَاءَ نَفْيُهَا تَتِمَّةً لِلنَّفْيِ وَالتَّنْزِيهِ، كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَحْرِ، كَانَ السُّؤَالُ عَنِ الْوُضُوءِ مِنْ مَائِهِ فَقَطْ، فَجَاءَ الْجَوَابُ عَنْ مَائِهِ وَمَيْتَتِهِ (١) ، لِأَنَّ مَا احْتَمَلَ السُّؤَالَ فِي مَائِهِ يَحْتَمِلُ الِاشْتِبَاهَ فِي مَيْتَتِهِ. وَاللَّهُ تَعَالَى ... أَعْلَمُ.] (٢) .

بَيَان أَنه لَا وتر مَوْجُود على الْحَقِيقَة إِلَّا الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -.

قَالَ صَاحب التَّتِمَّة - رَحمَه الله -: [ {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} : ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ قَوْلًا وَمَجْمُوعُهَا يَشْمَلُ جَمِيعَ الْمَخْلُوقَاتِ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا.


(١) - أخرج أَبُو دَاوُد (١/٦٩) (٨٣) ، وَغَيره مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ الله إِنَّا نركب الْبَحْر ونحمل مَعنا الْقَلِيل من المَاء فَإِن توضأنا بِهِ عطشنا أفنتوضأ بِمَاء الْبَحْر؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " هُوَ الطّهُور مَاؤُهُ الْحل ميتَته ". والْحَدِيث صَححهُ الشَّيْخ الألباني - رَحمَه الله -، والأرناؤوط وَغَيرهمَا.
(٢) - ٩/٦١٦: ٦٢٢، الْإِخْلَاص /٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>