للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ صَاحب التَّتِمَّة - رَحمَه الله - بعد أَن ذكر قصَّة الْغُلَام، والساحر، والراهب: [التَّاسِعُ: بَيَانُ رُكْنٍ أَصِيلٍ فِي قَضِيَّةِ التَّوَسُّلِ، وَهُوَ أَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ ثُمَّ الدُّعَاء وسؤال الله تَعَالَى.] (١) .

- السحر (٢) .

قَالَ الْعَلامَة الشنقيطي - رَحمَه الله - عِنْد قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} : [مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى:

اعْلَمْ أَنَّ السِّحْرَ يُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ خَفِيَ سَبَبُهُ وَلَطُفَ وَدَقَّ؛ وَلِذَلِكَ تَقُولُ الْعَرَبُ فِي الشَّيْءِ الشَّدِيدِ الْخَفَاءِ: أَخْفَى مِنَ السِّحْرِ. وَمِنْهُ قَوْلُ مُسْلِمِ بْنِ الْوَلِيدِ الْأَنْصَارِيِّ:

جَعَلْتِ عَلَامَاتِ الْمَوَدَّةِ بَيْنَنَا ... مَصَائِدَ لَحْظٍ من أَخْفَى مِنَ السِّحْرِ

فَأَعْرِفُ مِنْهَا الْوَصْلَ فِي لِينِ طَرْفِهَا ... وَأَعْرِفُ مِنْهَا الْهَجْرَ فِي النَّظَرِ الشَّزْرِ

وَلِهَذَا قِيلَ لِمَلَاحَةِ الْعَيْنَيْنِ: سِحْرٌ؛ لِأَنَّهَا تُصِيبُ الْقُلُوبَ بِسِهَامِهَا فِي خَفَاءٍ. وَمِنْهُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ الَّتِي شَبَّبَتْ بِنَصْرِ بْنِ حَجَّاجٍ السُّلَمِيِّ:


(١) - ٩/١٤٢، البروج / ٤، ٥.
(٢) - وَقد ذكر - رَحمَه الله - فِي هَذَا المبحث مسَائِل كَثِيرَة مِنْهَا: معنى السحر لُغَة، وَاصْطِلَاحا، وأقسام السحر، وَحكم تعلم السحر، وَهل هُوَ حَقِيقَة أم خيال، وحد السَّاحر، وَحل السحر عَن المسحور، وَتَحْقِيق الْقَدْرِ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يَبْلُغَهُ تَأْثِيرُ السِّحْرِ فِي المسحور، وَالْكَلَام على السحر الَّذِي وَقع للنَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَغير ذَلِك، وَقد آثرت أَن أُبْقِي هَذَا الْبَحْث كَمَا هُوَ دون أَي اخْتِصَار - مَعَ مَا فِيهِ من طول، وَمَا لَا علاقَة لَهُ بتوحيد الألوهية - نظرا لما فِيهِ من فَوَائِد، فَالله الْمُسْتَعَان.

<<  <  ج: ص:  >  >>