للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَلَام عَن الْجِهَة: نفيا وإثباتاً:

[اعْلَم أَنَّ مَا يَزْعُمُهُ كَثِيرٌ مِنَ الْجَهَلَةِ، مِنْ أَنَّ مَا فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، مِنْ صِفَةِ الِاسْتِوَاءِ وَالْعُلُوِّ وَالْفَوْقِيَّةِ، يَسْتَلْزِمُ الْجِهَةَ، وَأَنَّ ذَلِكَ مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ نَفْيُ الِاسْتِوَاءِ وَالْعُلُوِّ وَالْفَوْقِيَّةِ، وَتَأْوِيلُهَا بِمَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَعَانِي، كُلُّهُ بَاطِلٌ.

وَسَبَبُهُ سُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ وَبِكِتَابِهِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَمُدَّعِي لُزُومِ الْجِهَةِ لِظَوَاهِرِ نُصُوصِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ. وَاسْتِلْزَامُ ذَلِكَ لِلنَّقْصِ الْمُوجِبِ لِلتَّأْوِيلِ يُقَالُ لَهُ:

مَا مُرَادُكَ بِالْجِهَةِ؟

إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ بِالْجِهَةِ مَكَانًا مَوْجُودًا، انْحَصَرَ فِيهِ اللَّهُ، فَهَذَا لَيْسَ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ بِالْجِهَةِ الْعَدَمَ الْمَحْضَ.

فَالْعَدَمُ عِبَارَةٌ عَنْ لَا شَيْءٍ.

فَمَيِّزْ أَوَّلًا، بَيْنَ الشَّيْءِ الْمَوْجُودِ وَبَين لَا شَيْء] (١) .

- صفة الْمَجِيء:

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِىَ رَبُّكَ} ذَكَرَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ إِتْيَانَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا وَمَلَائِكَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَذَكَرَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَزَادَ فِيهِ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَجِيئُونَ صُفُوفًا وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَجَآءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} ، وَذَكَرَهُ فِي مَوْضِعٍ آخر،


(١) - ٧/٤٥٩ - ٤٦٠ , مُحَمَّد/٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>