للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَزَادَ فِيهِ أَنَّهُ جَلَّ وَعَلَا يَأْتِي فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} ، وَمِثْلُ هَذَا مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ يَمُرُّ كَمَا جَاءَ وَيُؤْمِنُ بِهَا، وَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ حَقٌّ، وَأَنَّهُ لَا يُشْبِهُ شَيْئا من صِفَات المخلوقين] (١) .

وَقَالَ صَاحب التَّتِمَّة: [وَجَاءَ رَبُّكَ: مِنْ آيَاتِ الصِّفَاتِ.

مَوَاضِعُ الْبَحْثِ وَالنَّظَرِ

وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ مِرَارًا فِي الْأَضْوَاءِ فِي عِدَّةِ مَحَلَّاتٍ، وَلْيُعْلَمْ أَنَّهَا وَالِاسْتِوَاءُ وَحَدِيثُ النُّزُولِ وَالْإِتْيَانُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلُهُ تَعَالَى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِىَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ} سَوَاء.

وَقَدْ أَوْرَدَ الشَّيْخِ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ مَبْحَثٌ آيَاتِ الصِّفَاتِ كَامِلَةً فِي مُحَاضَرَةٍ أَسْمَاهَا «آيَاتُ الصِّفَاتِ» وَطُبِعَتْ مُسْتَقِلَّةً.

كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ عِنْدَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِى الَّيْلَ النَّهَارَ} ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِصِفَةِ الْمَجِيءِ بِذَاتِهَا، إلاَّ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ جَمِيعَ الصِّفَاتِ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ، أَيْ أَنَّهَا ثَابِتَةٌ للَّه تَعَالَى عَلَى مَبْدَأِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ لِلْمَخْلُوقِ، فَثَبَتَ اسْتِوَاءٌ يَلِيقُ بِجَلَالِهِ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ لِلْمَخْلُوقِ.

وَكَذَلِكَ هُنَا كَمَا ثَبَتَ اسْتِوَاءٌ ثَبَتَ مَجِيءٌ وَكَمَا ثَبَتَ مَجِيءٌ ثَبَتَ نُزُولٌ.

وَالْكُلُّ مِنْ بَابِ {لَيْس كَمِثْلِهِ شَىْءٌ} ، أَيْ عَلَى مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّه: نَحْنُ كُلفنا بِالْإِيمَانِ، فَعَلَيْنَا أَنْ نُؤْمِنَ بِصِفَاتِ اللَّهِ عَلَى مَا يَلِيقُ باللَّه عَلَى مُرَادِ اللَّه، وَلَيْسَ عَلَيْنَا أَنْ نُكَيِّفَ، إِذِ الْكَيْفُ مَمْنُوعٌ عَلَى اللَّهِ


(١) - ٢/٢٥٣, الْأَنْعَام/٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>