للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّصْوِيرِ وَالْعِلْمِ لِأَنَّ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ صُورَةً تَخُصُّهُ؟ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ عِلْمٍ بِالْغَيْبِ وَالشَّهَادَة، كَمَا تقدم.] (١)

- فَائِدَة: عسي من الله وَاجِبَة:

[مَنْ يَقُولُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ عَسَى مِنَ اللَّه وَاجِبَةٌ، وَلَهُ وَجْهٌ مِنَ النَّظَرِ؛ لِأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ جَوَّادٌ كَرِيمٌ،

رَحِيمٌ غَفُورٌ، فَإِذَا أَطْمَعَ عَبْدَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ فَضْلِهِ، فَجُودُهُ وَكَرَمُهُ تَعَالَى وَسَعَةُ رَحْمَتِهِ يَجْعَلُ ذَلِكَ الْإِنْسَان الَّذِي أطْعمهُ رَبُّهُ فِي ذَلِكَ الْفَضْلِ يَثِقُ، بِأَنَّهُ مَا أطْعمهُ فِيهِ، إِلَّا لِيَتَفَضَّلَ بِهِ عَلَيْهِ.

وَمِنَ الْآيَاتِ الَّتِي بَيَّنَتْ هَذَا الْمَعْنَى هُنَا، قَوْلُهُ تَعَالَى: {تَعْمَلُونَ يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُواْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفّرَ عَنكُمْ سَيّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاْنْهَارُ} ، فَقَوْلُهُ فِي آيَةِ «التَّحْرِيمِ» هَذِهِ: {ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ} ؛ كَقَوْلِه فِي آيَة «النُّور» : {أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ} ، لِأَنَّ مَنْ كُفِّرَتْ عَنْهُ سَيِّئَاتُهُ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ، فَقَدْ نَالَ الْفَلَاحَ بِمَعْنَيَيْهِ. وَقَوْلُهُ فِي آيَةِ «التَّحْرِيمِ» : {تُوبُواْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً} مُوَضِّحٌ لِقَوْلِهِ فِي «النُّورِ» : {وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً} ، وَنِدَاؤُهُ لَهُمْ بِوَصْفِ الْإِيمَانِ فِي الْآيَتَيْنِ فِيهِ تَهْيِيجٌ لَهُمْ، وَحَثٌّ عَلَى امْتِثَالِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّ الِاتِّصَافَ بِصِفَةِ الْإِيمَانِ بِمَعْنَاهُ الصَّحِيحِ، يَقْتَضِي الْمُسَارَعَةَ إِلَى امْتِثَالِ أَمْرِ اللَّه، وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ، وَالرَّجَاءُ الْمَفْهُومُ مِنْ لَفْظَةِ عَسَى فِي آيَةِ «التَّحْرِيمِ» ، هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ لَفْظَةِ لَعَلَّ فِي آيَة «النُّور» ، كَمَا لَا يخفى.] (٢) .


(١) - ٨/١١٣: ١١٥، الْحَشْر ٢٢: ٢٤. وَانْظُر أَيْضا (٩/٣٤٧، ٣٤٨) (العلق / ١: ٥) .
(٢) - ٦/٢١٥، النُّور/٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>