للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُطْلَقُ عَلَى الْكِتَابَةِ كَمَا هُوَ الْقَوْلُ الْآخَرُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ. وَإِطْلَاقُ الْوَحْيِ عَلَى الْكِتَابَةِ مَشْهُورٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ فِي مُعَلَّقَتِهِ:

فَمَدَافِعُ الرَّيَّانِ عُرِّيَ رَسْمُهَا ... خَلَقًا كَمَا ضَمِنَ الْوُحِيُّ سِلَامُهَا

فَقَوْلُهُ «الْوُحِيُّ» بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ، جَمْعُ وَحَيٍ بِمَعْنَى الْكِتَابَةِ. وَقَوْلُ عَنْتَرَةَ:

كَوَحْيِ صَحَائِفَ مِنْ عَهْدِ كِسْرَى ... فَأَهْدَاهَا لِأَعْجَمَ طِمْطِمِي

وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:

سِوَى الْأَرْبَعِ الدُّهْمِ اللواتي كَأَنَّهَا ... بَقِيَّة بطرحى فِي وَنِّ الصَّحَائِفِ

وَقَوْلُ جَرِيرٍ:

كَأَنَّ أَخَا الْكِتَابِ يَخُطُّ وَحَيًا ... بِكَافٍ فِي مَنَازِلِهَا وَلَامِ] (١) .

فصل سيدنَا يحيى وَعِيسَى - عَلَيْهِمَا السَّلَام - ابْني الْخَالَة

... [امْرَأَة زَكَرِيَّا الْمَذْكُورَةُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هِيَ إِيشَاعُ بِنْتُ فَاقُوذَ بْنِ قَبِيلٍ، وَهِيَ أُخْتُ حِنَّةَ بِنْتِ فَاقُوذَا. قَالَهُ الطَّبَرِيُّ. وَحِنَّةُ: هِيَ أُمُّ مَرْيَمَ. وَقَالَ الْقُتَبِيُّ: امْرَأَةُ زَكَرِيَّا هِيَ إِيشَاعُ بِنْتُ عِمْرَانَ. فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ يَحْيَى بْنُ خَالَةِ عِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ ابْنَ خَالَةِ أُمِّهِ. وَفِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «فَلَقِيتُ ابْني الْخَالَة يحيى وَعِيسَى» (٢) شَاهدا القَوْل الْأَوَّلِ اهـ. مِنْهُ. وَالظَّاهِرُ شَهَادَةُ الْحَدِيثِ لِلْقَوْلِ الثَّانِي لَا لِلْأَوَّلِ، خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ رَحمَه الله تَعَالَى، وَالْعلم عِنْد الله


(١) - ٤/٢٣٦ - ٢٣٧، مَرْيَم / ١٠.
(٢) - أخرجه مُسلم (١/١٤٥) (١٦٢) من حَدِيث أنس - رَضِي الله عَنهُ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>