للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِقَابَ، وَتَقْدِيرُ النَّعْتِ الْمَحْذُوفِ، مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ مُسْتَوْجِبٍ لِلْجَزَاءِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ حَذْفَ النَّعْتِ إِذَا دُلَّ عَلَيْهِ أُسْلُوبٌ عَرَبِيٌّ مَعْرُوفٌ] (١) .

- المفاضلة بَين الْمَلَائِكَة وصالحي الْبشر.

وَقَالَ صَاحب التَّتِمَّة - رَحمَه الله -: [ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} . الْحُكْمُ هُنَا بِالْعُمُومِ، كَالْحُكْمِ هُنَاكَ. وَلَكِنَّهُ هُنَا بِالْخَيْرِيَّةِ وَالتَّفْضِيلِ.

أَمَّا مِنْ حَيْثُ الْجِنْسِ فَلَا إِشْكَالَ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ أَفْضَلُ الْأَجْنَاسِ {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَمَ} .

وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الْعُمُومِ، فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَالِحَ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ.

وَلَعَلَّ مِمَّا يُقَوِّي هَذَا الِاسْتِدْلَالَ، هُوَ أَنَّ بَعْضَ أَفْرَادِ جِنْسِ الْإِنْسَانِ أَفْضَلُ مِنْ عُمُومِ أَفْرَادِ جِنْسِ الْمَلَائِكَةِ، وَهُوَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا فُضِّلَ بَعْضُ أَفْرَادِ الْجِنْسِ لَا يُمْنَعُ فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ وَلَكِنْ هَلْ بَعْضُ أَفْرَادِ الْأُمَّةِ بَعْدَهُ أَفْضَلُ مِنْ عُمُومِ أَوْ بَعْضِ أَفْرَادِ الْمَلَائِكَةِ؟ هَذَا هُوَ مَحَلَّ الْخِلَافِ.

وَلِلْقُرْطُبِيِّ مَبْحَثٌ فِي ذَلِكَ: مَبْنَاهُ عَلَى أَصْلِ الْمَادَّةِ وَوُرُودِ النُّصُوصِ مِنْ جِهَةِ أَصْلِ الْمَادَّةِ إِنْ كَانَتِ الْبَرِيَّةُ مَأْخُوذَةً مِنَ الْبَرْيِ وَهُوَ التُّرَابُ. فَلَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ تَحْتَ هَذَا التَّفْضِيلِ وَإِلَّا فَتَدْخُلُ.

وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ النُّصُوصِ، فَقَالَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ: {قَالَ يَاآدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ} ، قَالَ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْبَابِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ، الْمَلَائِكَةُ أَوْ بَنُو آدَمَ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، فَذَهَبَ قَوْلٌ إِلَى أَن الرُّسُل من


(١) - ٧/٦٥١: ٦٥٢، ق/ ١٧ - ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>