للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَلَى رِوَايَةِ الرَّفْعِ، يَكُونُ هُوَ أَوَّلُ الْمَخْلُوقَاتِ ثُمَّ جَرَى بِالْقَدَرِ كُلِّهِ، وَبِمَا قُدِّرَ وُجُودُهُ كُلِّهِ.

ثَانِيهَا: الْقَلَمُ الَّذِي يَكْتُبُ مَقَادِيرَ الْعَامِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ، الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ

أَمْرٍ حَكِيمٍ} .

ثَالِثُهَا: الْقَلَمُ الَّذِي يَكْتُبُ بِهِ الْمَلِكُ فِي الرَّحِمِ مَا يَخُصُّ الْعَبْدَ مِنْ رِزْقٍ وَعَمَلٍ.

رَابِعُهَا: الْقَلَمُ الَّذِي بِأَيْدِي الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ الْمُنَوَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} ، أَيْ بِالْكِتَابَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} ، إِذَا قُلْنَا إِنَّ الْكِتَابَةَ فِي ذَلِكَ تَسْتَلْزِمُ قَلَمًا، كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ.

خَامِسُهَا: الْقَلَمُ الَّذِي بِأَيْدِي النَّاسِ يَكْتُبُونَ بِهِ مَا يُعَلِّمُهُمُ اللَّه، وَمِنْ أَهَمِّهَا أَقْلَامُ كُتَّابِ الْوَحْيِ، الَّذِينَ كَانُوا يَكْتُبُونَ الْوَحْيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكِتَابَة سُلَيْمَان لبلقيس.] (١) .

- التَّقْدِير الحولي فِي لَيْلَة الْقدر.

[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ} مَعْنَى قَوْلِهِ: يُفْرَقُ، أَيْ يُفْصَلُ وَيُبَيَّنُ، وَيُكْتَبُ فِي اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ، الَّتِي هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، أَيْ ذِي حِكْمَةٍ بَالِغَةٍ لِأَنَّ كُلَّ مَا يَفْعَلُهُ اللَّهُ، مُشْتَمِلٌ عَلَى أَنْوَاعِ الْحِكَمِ الْبَاهِرَةِ.

وَقَالَ بَعضهم: حَكِيم، أَي مُحكم، وَلَا تَغْيِيرَ فِيهِ، وَلَا تَبْدِيلَ.

وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ حَقٌّ لِأَنَّ مَا سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ، لَا يتَغَيَّر وَلَا يتبدل، وَلِأَن


(١) - ٩/ ٣٥٤ - ٣٥٥، العلق / ١: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>