للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِعِظَمِ هَذِهِ الْآيَةِ وَشُمُولِهِا، فَإِنَّهَا أَصْبَحَتْ مِنْ قَبِيلِ النُّصُوصِ مَضْرِبَ الْمَثَلِ، فَقَدْ فَصَّلَتِ السُّنَّةُ جُزْئِيَّاتِ مَا كَانَتْ تَخْطُرُ بِبَالِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَدْ أَوْرَدَ الْقُرْطُبِيُّ مَا جَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ، فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ: «مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ؟» قَالَا: الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: «وَأَنَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهَا لَأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا، قُومُوا» فَقَامُوا مَعَهُ، فَأَتَى رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ قَالَتْ: مَرْحَبًا! وَأَهْلًا! فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ فُلَانٌ؟» قَالَتْ: ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنَ الْمَاءِ أَيْ يَطْلُبُ مَاءً عَذْبًا. إِذْ جَاءَ الأَنصاريُّ، فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَا أحدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمُ أَضْيَافًا مِنِّي. قَالَ: فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعذْق فِيهِ بُسْرٌ وتمرٌ ورُطبٌ، فَقَالَ: كُلُّوا مِنْ هَذِهِ، وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكَ والحَلوب، فَذَبَحَ لَهُمْ. فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ، وَمِنْ ذَلِكَ العِذق، وَشَرِبُوا، فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرووا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعمر: «وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهَا لتُسأَلن عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ» وَخَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ فِيهِ: «هَذَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ظِلٌّ بَارِدٌ وَرَطْبٌ طَيِّبٌ، وَمَاءٌ بَارِدٌ» وَكَنَّى الرَّجُلُ الَّذِي مِنَ الْأَنْصَار، فَقَالَ: أَبُو الْهَيْثَم بن التيهَان. (١)


(١) - أخرجه مُسلم (٣/١٦٠٩) (٢٠٨٣) ، وَالتِّرْمِذِيّ (٤/٥٨٢) (٢٣٦٩) ، وَقَالَ: حسن صَحِيح غَرِيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>