وَهُنَا يُقْسِمُ بِحَالَاتِ الْكَوَاكِبِ عَلَى أَصَحِّ الْأَقْوَالِ، فِي ظُهُورهَا واختفائها وجريانها، وبالليل إِذَا عَسْعَسَ: أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، أَوْ أَضَاءَ وَأَظْلَمَ، وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ: أَيْ أَظْهَرَ وَأَشْرَقَ، وَهُمَا أَثَرَانِ مِنْ آثَارِ الشَّمْسِ فِي غُرُوبِهَا وَشُرُوقِهَا.
وَالْمَقْسَمُ عَلَيْهِ: هُوَ أَنَّ الْقُرْآنَ قَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ كَأَنَّهُ يَقُولُ: إِنَّ الْقُرْآنَ الْمُقْسَمَ عَلَيْهِ حَالُهُ فِي الثُّبُوتِ
وَالظُّهُورِ، وَحَالُ النَّاسِ مَعَهُ كَحَالِ هَذِهِ الْكَوَاكِبِ الثَّوَابِتِ لَدَيْكُمْ فِي ظُهُورِهَا تَارَةً، وَاخْتِفَائِهَا أُخْرَى. وَكَحَالِ اللَّيْلِ وَالصُّبْحِ فَهُوَ عِنْدَ أُنَاسٍ مَوْضِعُ ثِقَةٍ وَهِدَايَةٍ كَالصُّبْحِ فِي إِسْفَارِهِ، قُلُوبُهُمْ مُتَفَتِّحَةٌ إِلَيْهِ وَعُقُولُهُمْ مُهْتَدِيَةٌ بِهِ، فَهُوَ لَهُمْ رُوحٌ وَنُورٌ، وَعِنْدَ أُنَاسٍ مُظْلِمَةٌ أَمَامَهُ قُلُوبُهُمْ عَمًى عَنْهُ بَصَائِرُهُمْ، وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ، وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى، وَأُنَاسٌ تَارَةً وَتَارَةً كَالنُّجُومِ أَحْيَانًا، وَأَحْيَانًا، تَارَةً يَنْقَدِحُ نُورُهُ فِي قُلُوبِهِمْ، فَتَظْهَرُ مَعَالِمُهُ فَيَسِيرُونَ مَعَهُ، وَتَارَةً يَغِيبُ عَنْهُمْ نُورُهُ فَتَخْنِسُ عَنْهُ عُقُولُهُمْ وَتَكْنُسُ دُونَهُ قُلُوبُهُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْهُمْ: {كُلَّمَآ أَضَآءَ لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ} .
وَلَيْسَ بَعِيدًا أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، تُعْتَبَرُ النُّجُومُ كَالْكُتُبِ السَّابِقَةِ، مَضَى عَلَيْهَا الظُّهُورُ فِي حِينِهَا وَالْخَفَاءُ بَعْدَهَا.
{وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} : هُوَ ظَلَامُ الْجَاهِلِيَّةِ.
{وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} : يُقَابِلُهُ ظُهُورُ الْإِسْلَامِ، وَأَنَّهُ سَيَنْتَشِرُ انْتِشَارَ ضَوْءِ النَّهَارِ، وَلَا تَقْوَى قُوَّةٌ قَطُّ عَلَى حَجْبِهِ، وَسَيَعُمُّ الْآفَاقَ كُلَّهَا، مَهْمَا وَقَفُوا دُونَهُ {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} .
وَقَدْ يَكُونُ فِي هَذَا الْإِيرَاد غرابة على بعض النَّاس، ولاسيما وَأَنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى بَحْثٍ مُسْتَقِلٍّ فِيهِ، وَلَا تَوْجِيهٍ يُشِيرُ إِلَيْهِ، وَلَكِنْ مَعَ التَّتَبُّعِ وجدت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute