للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَدْعَاءَ» (١) ، وَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي «صَحِيحِهِ» عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارِ بْنِ أَبِي حِمَارٍ التَّمِيمِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِيَ حُنَفَاءَ فَجَاءَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ» (٢) .

وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ فِي الْآيَةِ بِتَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّه خِصَاءُ الدَّوَابِّ، وَالْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْوَشْمُ، فَلَا بَيَانَ فِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَبِكُلٍّ مِنَ الْأَقْوَالِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ جمَاعَة من الْعلمَاء ...

وَكَذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِتَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّه الْوَشْمُ، فَهُوَ يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْوَشْمَ حَرَامٌ.

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لعن اللَّه الْوَاشِمَات وَالْمُسْتَوْشِمَات والنامصات والمنتمصات وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، يَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ} .

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: الْمُرَادُ بِتَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّه فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى خَلَقَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْأَحْجَارَ وَالنَّارَ وَغَيْرَهَا مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ لِلِاعْتِبَارِ وَلِلِانْتِفَاعِ بِهَا، فَغَيَّرَهَا الْكَفَّارُ بِأَنْ جَعَلُوهَا آلِهَةً مَعْبُودَةً.

وَقَالَ الزَّجَّاجُ: إِنَّ اللَّه تَعَالَى خَلَقَ الْأَنْعَامَ لِتُرْكَبَ وَتُؤْكَلَ، فَحَرَّمُوهَا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَجَعَلَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْحِجَارَةَ مُسَخَّرَةً لِلنَّاسِ، فَجَعَلُوهَا آلِهَةً يَعْبُدُونَهَا، فَقَدْ غَيَّرُوا مَا خلق اللَّه.


(١) - أخرجه البُخَارِيّ (١/٤٥٦) (١٢٩٣) ، وَمُسلم (٤/٢٠٤٧) (٢٦٥٨) .
(٢) - صَحِيح مُسلم (٤/٢١٩٧) (٢٨٦٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>