وَذَكَرَ الرَّازِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي نَقَلَهَا عَنْهُ ابْنُ كَثِيرٍ: أَنَّ ذَلِكَ الطَّائِرَ الْمَذْكُورَ يُسَمَّى الْبَرَاصِلَ، وَأَنَّ الَّذِي عَمِلَ صُورَتَهُ يُسَمَّى أَرْجِعْيَانُوسَ الْمُوسِيقَارَ، وَأَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ عَلَى هَيْكَلِ أُورَشْلِيمَ الْعَتِيقِ عِنْدَ تَجْدِيدِهِ إِيَّاهُ، وَأَنَّ الَّذِي قَامَ بِعِمَارَةِ ذَلِكَ الْهَيْكَلِ أَوَّلًا أُسْطَرْخَسُ النَّاسِكُ.
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ: وَهَذَا النَّوْعُ الْخَامِسُ الَّذِي عَدَّهُ الرَّازِيُّ مِنْ أَنْوَاعِ السِّحْرِ، الَّذِي هُوَ الْأَعْمَالُ الْعَجِيبَةُ الَّتِي تَظْهَرُ مِنْ تَرْكِيبِ الْآلَاتِ الْمُرَكَّبَةِ عَلَى النِّسَبِ الْهَنْدَسِيَّةِ. إِلَخْ لَا يَنْبَغِي عَدُّهُ الْيَوْمَ مِنْ أَنْوَاعِ السِّحْرِ؛ لِأَنَّ أَسْبَابَهُ صَارَتْ وَاضِحَةً مُتَعَارَفَةً عِنْدَ النَّاسِ، بِسَبَبِ تَقَدُّمِ الْعِلْمِ الْمَادِّيِّ. وَالْوَاضِحُ الَّذِي صَارَ عَادِيًّا لَا يَدْخُلُ فِي حَدِّ السِّحْرِ، وَقَدْ كَانَتْ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ خَفِيَّةَ الْأَسْبَابِ فَصَارَتِ الْيَوْمَ ظَاهِرَتَهَا جِدًّا. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
النَّوْعُ السَّادِسُ مِنْ أَنْوَاعِ السِّحْرِ: الِاسْتِعَانَةُ بِخَوَاصِّ الْأَدْوِيَةِ، مِثْلَ أَنْ يَجْعَلَ فِي طَعَامِهِ بَعْضَ الْأَدْوِيَةِ الْمُبَلِّدَةِ الْمُزِيلَةِ لِلْعَقْلِ وَالدَّخَنَ الْمُسْكِرَةَ نَحْوَ دِمَاغِ الْحِمَارِ إِذَا تَنَاوَلَهُ الْإِنْسَانُ تَبَلَّدَ عَقْلُهُ، وَقَلَّتْ فِطْنَتُهُ، قَالَهُ الرَّازِيُّ. ثُمَّ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إِلَى إِنْكَارِ الْخَوَاصِّ: فَإِنَّ أَثَرَ الْمِغْنَاطِيسِ مُشَاهَدٌ إِلَّا أَنَّ النَّاسَ قَدْ أَكْثَرُوا فِيهِ وَخَلَطُوا الصِّدْقَ بِالْكَذِبِ، وَالْبَاطِلَ بِالْحَقِّ اهـ كَلَامُ الرَّازِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحمَه الله بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذَا النَّوْعَ مِنَ السِّحْرِ نَقْلًا عَنِ الرَّازِيِّ: قُلْتُ: يَدْخُلُ فِي هَذَا الْقَبِيلِ كَثِيرٌ مِمَّنْ يَدَّعِي الْفَقْرَ، وَيَتَحَيَّلُ عَلَى جَهَلَةِ النَّاسِ بِهَذِهِ الْخَوَاصِّ مُدَّعِيًا أَنَّهَا أَحْوَالٌ لَهُ: مِنْ مُخَالَطَةِ النِّيرَانِ: وَمَسْكِ الْحَيَّاتِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمُحَاوَلَاتِ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ كَثِيرٍ.
النَّوْعُ السَّابِعُ مِنْ أَنْوَاعِ السِّحْرِ الْمَذْكُورِ: تَعْلِيقُ الْقَلْبِ، وَهُوَ أَنْ يَدَّعِيَ السَّاحِرُ أَنَّهُ قَدْ عَرَفَ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ، وَأَنَّ الْجِنَّ يُطِيعُونَ وَيَنْقَادُونَ لَهُ فِي أَكْثَرِ الْأَحْوَالِ: فَإِذَا اتَّفَقَ أَنْ كَانَ السَّامِعُ لِذَلِكَ ضَعِيفَ الْعَقْلِ قَلِيلَ التَّمْيِيز -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute