للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ فِي الشَّفَاعَةِ بِدُونِ إِذْنِهِ: {مَن ذَا الَّذِى يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} . وَقَالَ: {وَكَمْ مّن مَّلَكٍ فِى السَّمَوَاتِ لاَ تُغْنِى شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى} . وَقَالَ: {يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِىَ لَهُ قَوْلاً} ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وَادِّعَاءُ شُفَعَاءَ عِنْدَ اللَّه لِلْكُفَّارِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، مِنْ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ بِهِ جَلَّ وَعَلَا، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} .

تَنْبِيهٌ:

هَذَا الَّذِي قَرَّرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الشَّفَاعَةَ لِلْكُفَّارِ مُسْتَحِيلَةٌ شَرْعًا مُطْلَقًا، يُسْتَثْنَى مِنْهُ شَفَاعَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ فِي نَقْلِهِ مِنْ مَحَلٍّ مِنَ النَّارِ إِلَى مَحَلٍّ آخَرَ مِنْهَا، كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّحِيحِ (١) ، فَهَذِهِ الصُّورَةُ الَّتِي ذكرنَا من تَخْصِيص الْكتاب وَالسّنة.] (٢) .

وَقَالَ صَاحب التَّتِمَّة - رَحمَه الله -: [قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} . فِيهِ أَنَّ الْكُفَّارَ لَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ، كَمَا أَنَّ فِيهَا إِثْبَاتَ الشَّفَاعَةِ لِلشَّافِعِينَ، وَمَفْهُومُ كَوْنِهَا لَا تَنْفَعُ الْكُفَّارَ أَنَّهَا تَنْفَعُ غَيْرَهُمْ.

وَقَدْ جَاءَتْ نُصُوصٌ فِي الشَّفَاعَةِ لِمَنِ ارْتَضَاهُمُ اللَّهُ، وَقَدْ دَلَّتْ نُصُوصٌ عَلَى كِلَا الْأَمْرَيْنِ، فَمِنْ عَدَمِ الشَّفَاعَةِ لِلْكُفَّارِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ} . وَقَوْلُهُ: {وَمَآ أَضَلَّنَآ إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ} ذَلِك من الْآيَات.


(١) - أخرجه البُخَارِيّ (٤/١٤٠٨) (٣٦٧٠) ، وَمُسلم (١/١٩٤) (٢٠٩) من حَدِيث الْعَبَّاس - رَضِي الله عَنهُ -.
(٢) - ١/٦٤ - ٦٥، الْبَقَرَة / ٤٨، وَانْظُر (٨/٣٨٢) (التَّحْرِيم/١٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>