بُرَيْدَة بن الْحصيب، وَأثر ابْن شَقِيق الْمَذْكُور أَن فِيهِمَا الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ عَمْدًا تَهَاوُنًا كُفْرٌ وَلَوْ أَقَرَّ تَارِكُهَا بِوُجُوبِهَا. وَبِذَلِكَ يَعْتَضِدُ حَدِيثُ جَابِرٍ الْمَذْكُورُ عِنْدَ مُسْلِمٍ.
وَمِنَ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ كُفْرٌ - مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنِ النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا فَقَالَ: «مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلَا بُرْهَانٌ وَلَا نَجَاةٌ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ» (١) اهـ. وَهَذَا الْحَدِيثُ أَوْضَحُ دَلَالَةٍ عَلَى كُفْرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ، لِأَنَّ انْتِفَاءَ النُّورِ وَالْبُرْهَانِ وَالنَّجَاةِ، وَالْكَيْنُونَةَ مَعَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْضَحُ دَلِيلٍ عَلَى الْكُفْرِ كَمَا تَرَى. وَقَالَ الْهَيْثَمِيُّ فِي (مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ: رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ، وَرِجَالُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ اهـ. وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا، مِنْهَا مَا هُوَ
ضَعِيفٌ، وَمِنْهَا مَا هُوَ صَالِحٌ لِلِاحْتِجَاجِ، وَذَكَرَ طَرَفًا مِنْهَا الْهَيْثَمِيُّ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ. وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ كِفَايَةٌ.
وَذَهَبَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ عَمْدًا تَهَاوُنًا وَتَكَاسُلًا إِذَا كَانَ مُعْتَرِفًا بِوُجُوبِهَا غَيْرُ كَافِرٍ، وَأَنَّهُ يُقْتَلُ حَدًّا كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ لَا كُفْرًا. وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ، وَعَزَاهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِلْأَكْثَرِينَ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَالْجَمَاهِيرُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إِلَى أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ بَلْ يفسق ويستتاب. فَإِن تَابَ وَإِلَّا قَتَلْنَاهُ
(١) - أخرجه أَحْمد (٢/١٦٩) ، والدارمي (٢/٣٩٠) (٢٧٢١) ، وَحسن إِسْنَاده الأرناؤوط فِي هَامِش الْمسند.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute