كُفْرًا كَمَا لَوِ اعْتَبَرَ مُعْتَبِرٌ مَفْهُومَ اللَّقَبِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} فَقَالَ يُفْهَمُ مِنْ مَفْهُومِ لَقَبِهِ أَنَّ غَيْرَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ رَسُولَ اللَّهِ فَهَذَا كُفْرٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ.
فَالتَّحْقِيقُ أَنَّ اعْتِبَارَ مَفْهُومِ اللَّقَبِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ شَرْعًا وَلَا لُغَةً وَلَا عَقْلًا سَوَاءً كَانَ اسْمَ جِنْسٍ أَوِ اسْمَ عَيْنٍ أَوِ اسَمَ جَمْعٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، فَقَوْلُكَ: جَاءَ زَيْدٌ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ عَدَمُ مَجِيءِ عَمْرٍو، وَقَوْلُكَ: رَأَيْتُ أسدا لَا يفهم مِنْهُ عدم رؤيتك غير الْأَسَدِ وَالْقَوْلُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ اسْمِ الْجِنْسِ فَيُعْتَبَرُ وَاسْمِ الْعَيْنِ فَلَا يُعْتَبَرُ، لَا يَظْهَرُ.
فَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الصَّيْرَفِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ الدَّقَّاقِ وَغَيْرِهِمَا من الشَّافِعِيَّة.
وَلَا يَقُول ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادَ وَابْنِ الْقَصَّارِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَلَا يَقُول بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ بِاعْتِبَارِ مَفْهُومِ اللَّقَبِ، لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى اعْتِبَارِهِ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ، إِلَّا أَنَّهُ يَقُولُ: لَوْ لَمْ يَكُنِ اللَّقَبُ مُخْتَصًّا بِالْحُكْمِ لَمَا كَانَ لِتَخْصِيصِهِ بِالذِّكْرِ فَائِدَةٌ، كَمَا عَلَّلَ بِهِ مَفْهُومَ الصِّفَةِ لِأَنَّ الْجُمْهُورَ يَقُولُونَ: ذُكِرَ اللَّقَبُ لِيُسْنَدَ إِلَيْهِ وَهُوَ وَاضِحٌ لَا إِشْكَالَ فِيهِ.
وَأَشَارَ صَاحِبُ مَرَاقِي السُّعُودِ إِلَى تَعْرِيفِ اللَّقَبِ بِالِاصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّ وَأَنَّهُ أَضْعَفُ الْمَفَاهِيمِ بِقَوْلِهِ:
أَضْعَفُهَا اللَّقَبُ وَهُوَ مَا أُبِي ... مِنْ دُونِهِ نَظْمُ الْكَلَامِ الْعَرَبِ
وَحَاصِلُ فِقْهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْجِنَّ مُكَلَّفُونَ، عَلَى لِسَانِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَّ كَافِرَهُمْ فِي النَّارِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ صَرِيحُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لاّمْلاّنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكُبْكِبُواْ فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ} ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ ادْخُلُواْ فِى أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنْسِ فِى النَّارِ} إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute