للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَادِي جَانِبُهُ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: مَعْنَى «الْأَيْمن» فِي قَوْله: {مِن شَاطِىءِ الْوَادِى الأَيْمَنِ} . وَقَوْلِهِ: {وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ} مِنَ الْيُمْنِ وَهُوَ الْبَرَكَةُ. لِأَنَّ تِلْكَ الْبِلَادَ بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا. وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ النَّارَ الَّتِي رَآهَا مُوسَى «نُورٌ» وَهُوَ يَظُنُّهَا نَارًا. وَفِي قِصَّتِهِ أَنَّهُ رَأَى النَّارَ تَشْتَعِلُ فِيهَا وَهِيَ لَا تَزْدَادُ إِلَّا خُضْرَةً وَحُسْنًا. قِيلَ هِيَ شَجَرَةُ عَوْسَجٍ. وَقِيلَ شَجَرَةُ عَلِيقٍ. وَقِيلَ شَجَرَةُ عُنَّابٍ. وَقِيلَ سَمُرَةٌ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ «النَّمْلِ» : {فَلَمَّا جَآءَهَا نُودِىَ أَن بُورِكَ مَن فِى النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا} اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْمُفَسِّرِينَ فِي الْمُرَادِ بِ {مَن فِى النَّارِ} فِي هَذِهِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ «النَّمْلِ» فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ هَذَا الْقَوْلُ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ قَالُوا: «بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ» أَيْ تَقَدَّسَ اللَّهُ وَتَعَالَى. وَقَالُوا: كَانَ نُورُ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِي الشَّجَرَةِ. وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ بِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى الثَّابِتِ فِي الصَّحِيحِ: أَنَّ النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْل. حجا بِهِ النُّورُ أَوِ النَّارُ، لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ» (١) .

قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: وَهَذَا الْقَوْلُ بَعِيدٌ مِنْ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ. وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُطْلَقَ عَلَى اللَّهِ أَنَّهُ فِي النَّارِ الَّتِي فِي الشَّجَرَةِ. سَوَاءٌ قُلْنَا: إِنَّهَا نَارٌ أَوْ نور،


(١) - أخرجه مُسلم (١/١٦١) (١٧٩) مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>