للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بْنُ الشَّاعِرِ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ وَاللَّفْظُ لِعَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ جَدِّي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ ذَكْوَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُرَيْدَةَ حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ شَرَاحِيلَ الشَّعْبِيُّ شَعْبُ هَمْدَانَ، أَنَّهُ سَأَلَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ فَقَالَ: حَدِّثِينِي حَدِيثًا سَمِعْتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُسْنِدِيهِ إِلَى أَحَدٍ غَيْرِهِ. فَقَالَتْ: لَئِن شِئْت لأفلعن؟ فَقَالَ لَهَا: أَجَلْ؟ حَدِّثِينِي. فَقَالَتْ:.. ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ طُولٌ. وَمَحَلُّ الشَّاهِدِ مِنْهُ قَوْلُ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ: فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا، وَأَشَدُّهُ وَثَاقًا، مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى كَعْبَيْهِ بِالْحَدِيدِ، قُلْنَا: وَيْلَكَ! مَالك! الْحَدِيثُ بِطُولِهِ - إِلَى قَوْلِهِ -: وَإِنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي، إِنِّي أَنَا الْمَسِيحُ، وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِي الْأَرْضِ، فَلَا أَدَعُ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطِيبَةَ، فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَى كِلْتَاهُمَا ... الْحَدِيثَ.

فَهَذَا نَصٌّ صَحِيحٌ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الدَّجَّالَ حَيٌّ مَوْجُودٌ فِي تِلْكَ الْجَزِيرَةِ البحرية الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث تَمِيم الدَّارمِيّ الْمَذْكُورِ، وَإِنَّهُ بَاقٍ وَهُوَ حَيٌّ حَتَّى يَخْرُجَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ. وَهَذَا نَصٌّ صَالِحٌ لِلتَّخْصِيصِ يُخْرِجُ الدَّجَّالَ مِنْ عُمُومِ حَدِيثِ مَوْتِ كُلِّ نَفْسٍ فِي تِلْكَ الْمِائَةِ. وَالْقَاعِدَةُ الْمُقَرَّرَةُ فِي الْأُصُولِ: أَنَّ الْعُمُومَ يَجِبُ إِبْقَاؤُهُ عَلَى عُمُومِهِ، فَمَا أَخْرَجَهُ نَصٌّ مُخَصِّصٌ خَرَجَ مِنَ الْعُمُومِ وَبَقِيَ الْعَامُّ حُجَّةً فِي بَقِيَّةِ الْأَفْرَادِ الَّتِي لم يَد عَلَى إِخْرَاجِهَا دَلِيلٌ، كَمَا قَدَّمْنَاهُ مِرَارًا وَهُوَ الْحَقُّ وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ غَالِبُ مَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنَ الْعُمُومَاتِ يَخْرُجُ مِنْهَا بَعْضُ الْأَفْرَادِ بِنَصٍّ مُخَصِّصٍ، وَيَبْقَى الْعَامُّ حُجَّةً فِي الْبَاقِي، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ فِي مَرَاقِي السُّعُودِ فِي مَبْحَثِ التَّخْصِيصِ بِقَوْلِهِ:

وَهُوَ حُجَّةٌ لَدَى الْأَكْثَر إِن ... مُخَصص لَهُ معينا بَين

<<  <  ج: ص:  >  >>