للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدِ أَهْلِ الْكِتَابِ الْمُقَدَّرِ.

وَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ، أَنَّ مَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرٍ، أَرْجَحَ وَأَوْلَى، مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرٍ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: مِنْ مُرَجِّحَاتِ هَذَا الْقَوْلِ الصَّحِيحِ، أَنَّهُ تَشْهَدُ لَهُ السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ الْمُتَوَاتِرَةُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَوَاتَرَتْ عَنْهُ الْأَحَادِيثُ بِأَنَّ عِيسَى حَيٌّ الْآنَ، وَأَنَّهُ سَيَنْزِلُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ حَكَمًا مُقْسِطًا. وَلَا يُنْكِرُ تَوَاتُرَ السُّنَّةِ بِذَلِكَ إِلَّا مُكَابِرٌ.

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ، بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذَا الْقَوْلَ الصَّحِيحَ وَنَسَبَهُ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ مَا نَصُّهُ: وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْحَقُّ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ بَعْدُ بِالدَّلِيلِ الْقَاطِعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ.

وَقَوْلُهُ بِالدَّلِيلِ الْقَاطِعِ يَعْنِي السُّنَّةَ الْمُتَوَاتِرَةَ، لِأَنَّهَا قَطْعِيَّةٌ وَهُوَ صَادِقٌ فِي ذَلِكَ.

وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ، فِي تَفْسِيرِ آيَةِ الزُّخْرُفِ هَذِهِ مَا نَصُّهُ: وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْأَحَادِيثُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّهُ أَخْبَرَ بِنُزُولِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْلَ يَوْم الْقِيَامَة إمَاماً عَادِلاً وَحَكماً مُقْسِطاً» . اهـ مِنْهُ. وَهُوَ صَادِقٌ فِي تَوَاتُرِ الْأَحَادِيثِ بِذَلِكَ.

وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ رَاجِعٌ إِلَى الْكِتَابِ فَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ دَلِيلٌ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: هُوَ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ الصَّحِيحَ، وَاضِحٌ لَا إِشْكَالَ فِيهِ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ وَلَا تَخْصِيصٍ بِخِلَافِ الْقَوْلِ الْآخَرِ، فَهُوَ مُشْكِلٌ لَا يَكَادُ يَصْدُقُ، إِلَّا مَعَ تَخْصِيصٍ، وَالتَّأْوِيلَاتُ الَّتِي يَرْوُونَهَا فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرِهِ، ظَاهِرَةُ الْبُعْدِ وَالسُّقُوطِ لِأَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ رَاجِعٌ إِلَى عِيسَى فَلَا إِشْكَالَ وَلَا خَفَاءَ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى تَأْوِيلٍ، وَلَا إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>