(٢) - وَأما مَسْأَلَة عدم أكل الأَرْض لأجساد الشُّهَدَاء فقد تَكَلَّمت عَلَيْهَا فِي شرحي لسنن الدَّارمِيّ (حَدِيث رقم ٤٥) وخلاصة مَا ذكرت هُنَاكَ: أنني لم أَقف على مَا يصلح لتخصيص عُمُوم قَوْله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم -: " كل ابْن آدم يَأْكُلهُ التُّرَاب إِلَّا عجب الذَّنب مِنْهُ خلق وَفِيه يركب " - مُتَّفق عَلَيْهِ، وَاللَّفْظ لمُسلم - إِلَّا مَا ورد فِيهِ النَّص فِي حق الْأَنْبِيَاء - عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام - من أَن الله حرم على الأَرْض أَن تَأْكُل أَجْسَادهم الشَّرِيفَة، وَأما مَا نقل عَن شُهَدَاء أحد والغلام عبد الله بن الثَّامِر - على فرض صِحَة أَنه وجد على عهد سيدنَا عمر - رَضِي الله عَنهُ - على حَالَته - فَهَذِهِ حالات خَاصَّة لَا تصلح لعُمُوم التَّخْصِيص فِي حق أمثالهم من عُمُوم الشُّهَدَاء، فقد تَأْكُل الأَرْض أَجْسَادهم وَلَكِن بعد فَتْرَة أطول من غَيرهم، وَقد يكون هَذَا خَاصّا بِمن قتل مَعَ النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - دون غَيرهم من الشُّهَدَاء، أَو أَنه يكون قد كشف للنَّاس عَنْهُم كآية من الله للنَّاس، وَيحْتَمل أَن تكون طبيعة الأَرْض الَّتِي وضعُوا فِيهَا تمنع التعفن فَلَا يدود المقبور فِيهَا، وكل هَذَا مُحْتَمل، وَالله أعلم بِالصَّوَابِ.