للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي «رَوْضَةِ الطَّالِبِينَ» ، مَا نَصُّهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُلَقَّنَ الْمَيِّتُ بَعْدَ الدَّفْنِ، فَيُقَالُ: يَا عَبْدَ اللَّه ابْنَ أَمَةِ اللَّه اذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا: شَهَادَةَ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّه، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّه، وأنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّه يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وَأَنْتَ رَضِيَتْ باللَّه رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا، وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً، وَبِالْمُؤْمِنِينَ إِخْوَانًا، وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قُلْتُ: هَذَا التَّلْقِينُ اسْتَحَبَّهُ جَمَاعَاتٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، مِنْهُمُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَصَاحِبُ التَّتِمَّةِ، وَالشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ «التَّهْذِيبُ» وَغَيْرُهُمْ، وَنَقَلَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَنْ أَصْحَابِنَا مُطْلَقًا، وَالْحَدِيثُ الْوَارِدُ فِيهِ ضَعِيفٌ، لَكِنَّ أَحَادِيثَ الْفَضَائِلِ يُتَسَامَحُ فِيهَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدِ اعْتَضَدَ هَذَا الْحَدِيثُ بِشَوَاهِدَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ؛ كَحَدِيثِ: «اسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ» ، وَوَصِيَّةِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَقِيمُوا عِنْدَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ، وَيُقَسَّمُ لَحْمُهَا حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ وَأَعْلَمَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الشَّامِ عَلَى الْعَمَلِ بِهَذَا التَّلْقِينِ، مِنَ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ، وَفِي زمن من يقْتَدى بِهِ. اهـ مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْ كَلَامِ النَّوَوِيِّ.

وَبِمَا ذَكَرَ ابْنُ الْقَيِّمِ وَابْنُ الطِّلَاعِ، وَصَاحِبُ الْمَدْخَلِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالنَّوَوِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، كَمَا أَوْضَحْنَا كَلَامَهُمْ تَعْلَمُ أَنَّ التَّلْقِينَ بَعْدَ الدَّفْنِ لَهُ وَجْهٌ قَوِيٌّ مِنَ النَّظَرِ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ فِيهِ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، وَاعْتَضَدَ بِشَوَاهِدَ صَحِيحَةٍ، وَبِعَمَلِ أَهْلِ الشَّامِ قَدِيمًا، وَمُتَابَعَةِ غَيْرِهِمْ لَهُمْ.

وَبِمَا عُلِمَ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ مِنَ التَّسَاهُلِ فِي الْعَمَلِ بِالضَّعِيفِ، فِي أَحَادِيثِ الْفَضَائِلِ، وَلَا سِيَّمَا الْمُعْتَضِدُ مِنْهَا بِصَحِيحٍ، وَإِيضَاحُ شَهَادَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>