للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يُفْرَغَ مِنَ النَّاسِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً} وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ فَسَّرَ الْمَقِيلَ فِي الْآيَةِ بِأَنَّهُ الْمَأْوَى وَالْمَنْزِلُ كَقَتَادَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَلَا دَلَالَةَ فِي الْآيَةِ لِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا. وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي سُرُورٍ وَنِعْمَةٍ، أَنَّهُ يَقْصُرُ عَلَيْهِ الزَّمَنُ الطَّوِيلُ قَصْرًا شَدِيدًا، بِخِلَافِ مَنْ كَانَ فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ وَالْبَلَايَا وَالْكُرُوبِ، فَإِنَّ الزَّمَنَ الْقَصِيرَ يَطُولُ عَلَيْهِ جِدًّا، وَهَذَا أَمْرٌ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِنَا الْمَذْكُورِ بَعْضَ الشَّوَاهِدِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ، كَقَوْلِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرْثِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

أَرِقْتُ فَبَاتَ لَيْلِي لَا يَزُولُ ... وَلَيْلُ أَخِي الْمُصِيبَةِ فِيهِ طُولُ

وَقَوْلِ الْآخَرِ:

فَقِصَارُهُنَّ مَعَ الْهُمُومِ طَوِيلَةٌ ... وَطِوَالُهُنَّ مَعَ السُّرُورِ قِصَارُ

وَقَوْلِ الْآخَرِ:

لَيْلَى وَلَيْلِي نَفَى نَوْمِي اخْتِلَافَهُمَا ... فِي الطُّولِ وَالطُّولُ طُوبَى لِي لَوِ اعْتَدَلَا

يَجُودُ بِالطُّولِ لَيْلِي كُلَّمَا بَخِلَتْ ... بِالطُّولِ لَيْلَى وَإِنْ جَادَتْ بِهِ بَخِلَا

وَنَحْوُ هَذَا كَثِيرٌ جِدًّا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَمِنْ أَظْرَفِ مَا قِيلَ فِيهِ مَا رُوِيَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ قَالَ:

لَا أَسْأَلُ اللَّهَ تَغْيِيرًا لِمَا فَعَلَتْ ... نَامَتْ وَقَدْ أَسَهَرَتْ عَيْنَيَّ عَيْنَاهَا

فَاللَّيْلُ أَطْوَلُ شَيْءٍ حِينَ أَفْقِدُهَا ... وَاللَّيْلُ أَقْصَرُ شَيْءٍ حِينَ أَلْقَاهَا

وَقَدْ وَرَدَ بَعْضُ الْأَحَادِيثِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ظَاهِرِ آيَةِ الْحَجِّ، وَآيَةِ السَّجْدَةِ.

وَسَنَذْكُرُ هُنَا طَرَفًا مِنْهُ بِوَاسِطَةِ نَقْلِ ابْنِ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ سُورَةِ الْحَجِّ. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنِي

<<  <  ج: ص:  >  >>