للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآيَةَ {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً} فَقَالَ: مَا أَظُنُّ الْوَفْدَ إِلَّا الرَّكْبَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالذي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُمْ إِذَا خَرَجُوا مِنْ قُبُورِهِمْ يُسْتَقْبَلُونَ أَوْ يُؤْتَوْنَ بِنُوقٍ بيضٍ لَهَا أَجنحة وَعَلَيْهَا رحائل الذَّهَب، شرك نِعَالِهِمْ نُورٌ يَتَلَأْلَأُ، كُلُّ خُطْوَةٍ مِنْهَا مَدُّ الْبَصَرِ، فَيَنْتَهُونَ إِلَى شجرةٍ ينبعُ مِنْ أَصْلِهَا عَيْنَانِ فَيَشْرَبُونَ مِنْ إِحْدَاهُمَا فَتَغْسِلُ مَا فِي بطونهم فِي دَنَسٍ، وَيَغْتَسِلُونَ مِنَ الْأُخْرَى فَلَا تَشْعَثُ أَبْشَارُهُمْ وَلَا أَشْعَارُهُمْ بَعْدَهَا أَبَدًا، وَتَجْرِي عَلَيْهِمْ نَضْرَةُ النَّعِيمِ فَيَنْتَهُونَ أَوْ فَيَأْتُونَ بَابَ الْجَنَّةِ فَإِذَا حَلْقَةٌ مِنْ يَاقُوتٍ حَمْرَاءَ عَلَى صَفَائِحِ الذَّهَبِ. فَيَضْرِبُونَ بِالْحَلْقَةِ عَلَى الصَّفْحَةِ فَيُسْمَعُ لَهَا طَنِينٌ يَا عَلِيُّ. فَيَبْلُغُ كُلَّ حَوْرَاءَ أَنَّ زَوْجَهَا قَدْ أَقْبَلَ فَتَبْعَثُ قَيِّمَهَا لِيَفْتَحَ لَهُ فَإِذَا رَآهُ خَرَّ لَهُ (قَالَ سَلَمَةُ: أَرَاهُ قَالَ سَاجِدًا) فَيَقُولُ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَإِنَّمَا أَنَا قَيِّمُكَ وكلت بِأَمْرك، فيتبعه ويقفوا أَثَره فتستخف الْحَوْرَاء العجلة فنخرج مِنْ خِيَامِ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ حَتَّى تَعْتَنِقَهُ..» إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ بِطُولِهِ. وَفِي آخِرِ السِّيَاقِ: هَكَذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَرْفُوعًا. وَقَدْ رُوِّينَاهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ مِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، وَهُوَ أشبه بِالصِّحَّةِ (١) . وَالله أعلم اهـ. وَرُكُوبُهُمُ الْمَذْكُورُ إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ الْمَحْشَرِ إِلَى الْجَنَّةِ، أَمَّا مِنَ الْقَبْرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ يُحْشَرُونَ مُشَاةً.

بِدَلِيلِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُمْ يُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا (٢) . هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَجَزَمَ بِهِ الْقُرْطُبِيُّ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً} السَّوْقُ مَعْرُوفٌ. وَالْمُجْرِمُونَ: جَمْعُ تَصْحِيح للمجرم، وَهُوَ اسْم فَاعل


(١) - رجح الْحَافِظ ابْن كثير - رَحمَه الله - هُنَا رِوَايَة الْوَقْف، وأضيف أَن رِوَايَة الْوَصْل إسنادها ضَعِيف فمسلمة بن جَعْفَر نقل الْحَافِظ فِي اللِّسَان تَضْعِيفه عَن الْأَزْدِيّ.
(٢) - أخرجه البُخَارِيّ (٣/١٢٢٢) (٣١٧١) ، وَمُسلم (٤/٢١٩٤) (٢٨٦٠) ، وَلَفظ مُسلم عَن ابْن عَبَّاس: سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُول إِنَّكُم ملاقو الله مشَاة حُفَاة عُرَاة غرلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>