وَمِنْهَا: شَهَادَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَذلك جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ} .
وَمِنْهَا: شَهَادَةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} .
وَمِنْهَا: شَهَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْجَمِيعِ.
وَهَذَا مَا يَتَنَاسَبُ مَعَ ذِكْرِ الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَمَا يَكُونُ فِيهِ مِنَ الْجَزَاءِ وَالْحِسَابِ عَلَى الْأَعْمَالِ وَمُجَازَاةِ الْخَلَائِقِ عَلَيْهَا: وَسَيَأْتِي فِي نَفْسِ السِّيَاقِ قَوْلُهُ: {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ} ، وَهُوَ كَمَا تَرَى لَا يَتَقَيَّدُ بِشَاهِدٍ
وَاحِدٍ، وَأَيْضًا لَا يُعَارِضُ بَعْضُهَا بَعْضًا.
فَاخْتِلَافُ الشُّهُودِ وَتَعَدُّدِهِمْ بِاخْتِلَافِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَتَعَدُّدِهِ مِنْ فَرْدٍ إِلَى أُمَّةٍ إِلَى رُسُلٍ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَكُلُّهَا دَاخِلَةٌ فِي الْمَعْنَى وَوَاقِعَةٌ بِالْفِعْلِ.
وَقَدْ ذُكِرَتْ أَقْوَالٌ أُخْرَى، وَلَكِنْ لَا تَخْتَصُّ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَمِنْهَا: أَن الشَّاهِد الله وَالْمَلَائِكَة وَأولُوا الْعِلْمِ، وَالْمَشْهُودُ بِهِ وَحْدَانِيَّةُ اللَّهِ تَعَالَى.
وَمِنْهَا: الشَّاهِدُ الْمَخْلُوقَاتُ، وَالْمَشْهُودُ بِهِ قُدْرَةُ اللَّهِ تَعَالَى، فَتَكُونُ الشَّهَادَةُ بِمَعْنَى الْعَلَامَةِ.
وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ إِيرَادًا فِي ذَلِكَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ حَيْثُ سَاقَهَا كُلَّهَا بِأَدِلَّتِهَا إِلَّا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ السُّنَّةِ فَلَمْ يُورِدْهُ.
وَقَدْ جَاءَ فِي السُّنَّةِ تَعْيِينُ الشَّهَادَاتِ لِغَيْرِ مَا ذُكِرَ.
مِنْهَا الشَّهَادَةُ لِلْمُؤَذِّنِ: مَا يَسْمَعُ صَوْتَهُ شَجَرٌ وَلَا حَجَرٌ وَلَا مَدَرٌ، إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَمِنْهَا: شَهَادَةُ الْأَرْضِ عَلَى الْإِنْسَانِ بِمَا عَمِلَ عَلَيْهَا الْمُشَارُ إِلَيْهِ فِي قَوْلِهِ