للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولِهِ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَعْظِيمِ اللَّهِ.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى وَهُوَ مَحَلُّ الشَّاهِدِ (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ) .

فَهَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ الَّتِي هِيَ إِجَابَةُ الْمُضْطَرِّ إِذَا دَعَا، وَكَشْفُ السُّوءِ وَجَعْلُ النَّاسِ خُلَفَاءَ فِي الْأَرْضِ مِنْ خَصَائِصَ رُبُوبِيَّتِهِ جَلَّ وَعَلَا، وَلِذَا قَالَ بَعْدَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ.

فَتَأَمَّلْ قَوْلَهَ تَعَالَى: (أَءِلاهٌ مَّعَ اللَّهِ) مَعَ قَوْلِهِ: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّو?ءَ) تعلم أَن إِجَابَة الْمُضْطَرين إِذا التجؤوا وَدَعَوْا وَكَشْفَ السُّوءِ عَنِ الْمَكْرُوبِينَ، لَا فَرْقَ فِي كَوْنِهِ مِنْ خَصَائِصِ الرُّبُوبِيَّةِ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض، وإنزال المَاء وإنبات النَّبَات، وَنَصْبِ الْجِبَالِ وَإِجْرَاءِ الْأَنْهَارِ، لِأَنَّهُ جَلَّ وَعَلَا ذَكَرَ الْجَمِيعَ بِنَسَقٍ وَاحِدٍ فِي سِيَاقٍ وَاحِدٍ، وأتبع جَمِيعه بقوله: (أَءِلَاهٌ مَّعَ اللَّهِ) .

فَمَنْ صَرَفَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِغَيْرِ اللَّهِ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ الْإِنْكَارُ السَّمَاوِيُّ الَّذِي هُوَ فِي ضمن قَوْله: (أَءِلَاهٌ مَّعَ اللَّهِ) فَلَا فَرْقَ الْبَتَّةَ بَيْنَ تِلْكَ الْمَذْكُورَاتِ فِي كَوْنِهَا كُلِّهَا مِنْ خَصَائِصِ الرُّبُوبِيَّةِ.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: (أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِى ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًى بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ أَءِلَاهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) .

فَهَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ الَّتِي هِيَ هَدْيُ النَّاسِ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَإِرْسَالُ الرِّيَاحِ بُشْرًا، أَيْ مُبَشِّرَاتٍ، بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ الَّتِي هِيَ الْمَطَرُ، مِنْ خَصَائِصِ رُبُوبِيَّتِهِ جَلَّ وَعَلَا.

وَلِذَا قَالَ تَعَالَى: (أَءِلَاهٌ مَّعَ اللَّهِ) ، ثُمَّ نَزَّهَ جَلَّ وَعَلَا نَفْسَهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ إِلَهٌ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِمَّا

ذَكَرَ فَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: (تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>