للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- واستدلوا كذلك بقوله تعالى: (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلََكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقّدتّمُ الأيْمَانَ فَكَفّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ ذَلِكَ كَفّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوَا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة: ٨٩] ".

احتج بها ابن حزم للدلالة على أنه "لا طلاق إلا كما أمر الله عز وجل ولا يمين إلا كما أمر الله عز وجل على لسان رسوله (- صلى الله عليه وسلم -) ". وليس منه اليمين بالطلاق (١).

واستدل كذلك بقوله (- صلى الله عليه وسلم -): "من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله"، قال" فارتفع الإشكال في أن كل حلف بغير الله عز وجل فإنه معصية وليس يميناً" (٢).

- قال الإمام الشوكاني - رحمه الله-: "وأما قول القائل عليه الطلاق أو يلزمه الطلاق، ونحو ذلك فليس من ذلك في شيء ولم يجعله الله عز وجل طلاقاً، ولا ألزم به أحداً من عباده، ولا يصح من العبد أن يجعل على نفسه غير ما جعله الله عليه، ويلزمها غير ما ألزم الله به. . . وبالجملة فليس في الشرع ما يدل على وقوع هذا الطلاق لا في اللفظ ولا في القصد فتدبر هذا" (٣).

القول الثاني: أن الحلف بالطلاق لا يقع به الطلاق ويلزم صاحبه كفارة يمين إلا إذا نواه فيقع.

- نقل هذا الرأي عن طاووس بن كيسان اليماني، وبه قال جماعة من السلف والخلف وأفتى به بعض أصحاب مالك والشافعي في بعض الصور (٤). وهو مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم الذي أنتصر له ودلَّل عليه في كتبه.

حجة أصحاب هذا القول: -القياس: حيث قاسوا الطلاق على العتق.

فإن ابن عمر، وابن عباس، وأبا هريرة، وعائشة، وحفصة، وأم سلمة، وزينب ربيبة النبي (- صلى الله عليه وسلم -) وغير واحد من الصحابة، أفتوا فيمن قال إن فعلت كذا فكل مملوك لي حر قالوا يكفر عن يمينه ولا يلزمه العتق، هذا مع أن العتق طاعة وقربه فالطلاق لا يلزمه بطريق الأولى (٥).


(١) المحلى (١٠/ ٢١١).
(٢) المرجع السابق.
(٣) السيل الجرار (٤١٢).
(٤) الفتاوى الكبرى (٣/ ٢٤٣).
(٥) أحكام الأسرة للقليصي (٢/ ٦٦ ــ ٦٧).

<<  <   >  >>