للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- أيضاً استدلوا بما صح عن ابن عباس ــ ـرضي الله عنهما ــ كما في البخاري" الطلاق عن وطر والعتق ما ابتغي به وجه الله".

وجه الشاهد: أن ابن عباس ــ رضي الله عنهما ــ بيَّن أن الطلاق إنما يقع لمن غرضه أن يوقعه، لا لمن يكره وقوعه (١).

واستدلوا كذلك بما ورد عن أم المؤمنين عائشة ــ رضي الله عنها ــ أنها قالت: "كل يمينٍ وإن عظمت فكفارتها كفارة اليمين بالله".

وهذا يتناول جميع الأيمان من الحلف بالطلاق والعتاق والنذر وغير ذلك (٢).

- وبنوا على هذا الاستدلال "أن هذه اليمين قد جعل الله لها كفارة حيث قال سبحانه: (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) [سورة: التحريم - الأية: ٢]، وقال: (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلََكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقّدتّمُ الأيْمَانَ فَكَفّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ ذَلِكَ كَفّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوَا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ) [سورة: المائدة - الأية: ٨٩] " وثبت عن النبي (- صلى الله عليه وسلم -) من حديث أبي هريرة، وعدي بن حاتم، وأبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهم أنه قال: " ومن حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه" (٣).

- أما شيخ الإسلام ابن تيمية فإنه فصَّل في هذه المسألة وفرَّق بين صيغتي الحلف بالطلاق:

فالصيغة الأولى: وهي صيغة التعليق أي تعليق الطلاق على شرط كقول الرجل لزوجته: إن خرجت من الدار بغير إذني فأنت طالق. فهذه الصيغة عنده حكمها

"أن ينظر إلى مقصود الحالف فإن كان مقصوده الحض أو المنع أو التصديق أو التكذيب فهذه تعتبر يميناً.

وإن كان مقصوده وقوع الطلاق عليها إذا خالفت وفعلت ما نهاها عنه فإنه يكون موقعاً للطلاق إذا تحقق الشرط" (٤).


(١) البخاري مع الفتح (٩/ ٤٨٦).
(٢) الفتاوى الكبرى (٣/ ٢٣٥) وما بعدها.
(٣) مجموع الفتاوى (١٧/ ٣٦).
(٤) الفتاوى الكبرى (١٠/ ٢٣٤) وما بعدها- المفصل (٢/ ٤٠٢) وما بعدها.

<<  <   >  >>