للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- قال في المدونة: "والقول بوقوع الطلاق المعلق نقل بأسانيد صحيحة عن جماعة من الصحابة وعن عامة فقهاء التابعين، ومن فقهاء المدينة السبعة المشهورون، وعن جمهور من بعدهم من الفقهاء، ومنهم الأئمة الأربعة ولم يخالف فيه إلا جماعة قليلة من العلماء ليس لهم في مخالفتهم مستند يعول عليه عدا فتوى لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه على ما في دلالتها على عدم الوقوع من الاحتمال" (١).

والذي يترجح لديَّ: بعد هذا العرض لأقوال العلماء وأدلتهم هو مذهب جمهور العلماء.

- فمن علق الطلاق على شرط وقع الطلاق عند تحقق الشرط للآتي: -

١ - لأن المعلق بالشرط كالمنجز عند وجود الشرط (٢).

٢ - لأن الأصل في الأبضاع التحريم، فينبغي الأخذ بالأحوط في مسائل الطلاق، والتورع فيها، حتى لا يتجرأ المتساهلون على حدود لله ويتلاعبون بها قال تعالى: (وَلا تَتّخِذُوَا آيَاتِ اللهِ هُزُواً) [سورة: البقرة - الآية: ٢٣١] ".

- وفي سنن النسائي من حديث محمود بن لبيد قال "أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً؟ فقام غضبان ثم قال: أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟ حتى قام رجل وقال: يا رسول الله ألا أقتله؟ " (٣).

فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر من يطلق امرأته ثلاثاً جميعاً متلاعباً بكتاب الله فكيف بمن اتخذ الطلاق ديدنه في عامة شأنه.

- قال الإمام ابن عابدين في حاشيته نقلاً عن السُّروجي: "أقول الحق الوقوع به في هذا الزمان لاشتهاره في معنى التطليق، فيجب الرجوع إليه والتعويل عليه عملاً بالاحتياط في أمر الفروج" (٤).

٣ - زجر الحالف بالطلاق:

فأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه عندما رأى استعجال الناس في أمر الطلاق أمضاه عليهم ثلاثاً، ففي صحيح مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن النَّاس قد استعجلوا في أمرٍ كانت لهم فيه أناةٌ، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم" (٥).


(١) المدونة (٢/ ٦٨٧) وما بعدها.
(٢) البناية شرح الهداية (٥/ـ ٤١٠).
(٣) سنن النسائي (٣٤٠١) وصححه الألباني في غاية المرام (٢٦١).
(٤) حاشية ابن عابدين (٤/ـ ٣٤٤).
(٥) صحيح مسلم بشرح النووي (ـ ٥/ ٢/ـ ٦٠).

<<  <   >  >>