للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْنَا: نَعَمْ، يُؤْخَذُ مِنْ ثَوَابِ حَسَنَاتِهِ بِمِقْدَارِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ، كَمَا تُؤْخَذُ أَمْوَالُهُ وَمَسَاكِنُهُ وَعَبِيدُهُ وَإِمَاؤُهُ فِي الدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ آثِمًا بِسَبَبِ الدَّيْنِ لَا بِمَطْلِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ فِي الْآخِرَةِ لَمْ يُطْرَحْ عَلَيْهِ مِنْ السَّيِّئَاتِ لِأَنَّهُ غَيْرُ عَاصٍ وَلَا آثِمٌ، وَلَا يَتَعَجَّبْنَ مُتَعَجِّبٌ مِنْهُ، ذَلِكَ عَدْلٌ مِنْ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. فَإِنْ قِيلَ: فَمَا حُكْمُ مَا يَفْضُلُ عَلَيْهِ مِنْ الدُّيُونِ بَعْدَ فِنَاءِ حَسَنَاتِهِ؟ قُلْت: الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ إلَى اللَّهِ إنْ شَاءَ عَوَّضَ رَبَّ الدَّيْنِ مِنْ عِنْدِهِ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُعَوِّضْهُ، وَهَذَا مَوْقُوفٌ عَلَى صِحَّةِ الْخَبَرِ فِيهِ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ ثَوَابِ الْإِيمَانِ الْمَنْدُوبِ نَظَرٌ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ الْحَدِيثِ.

[فَصْلٌ فِيمَا يُثَابُ عَلَيْهِ الشُّهُودُ وَمَا لَا يُثَابُونَ]

تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ تَوَسُّلٌ إلَى أَدَائِهَا وَأَدَاؤُهَا تَوَسُّلٌ إلَى الْحُكْمِ بِهَا، وَالْحُكْمُ بِهَا تَوَسُّلٌ إلَى تَحْصِيلِ مَصَالِحِ الْحُكْمِ بِالْحَقِّ وَدَرْءِ مَفَاسِدِ الْحُكْمِ بِالْجَوْرِ. فَمَنْ شَهِدَ بِالْحُكْمِ الْمُوَافِقِ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مُبْتَغِيًا بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ، كُتِبَ لَهُ أَجْرُ الْإِعَانَةِ عَلَى اسْتِيفَاءِ تِلْكَ الْحُقُوقِ الَّتِي تَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِ وَالْمَصَالِحِ الَّتِي حَصَّلَ بِهَا، وَلِذَلِكَ كَتَبَ لَهُ أَجْرَ مَا دَرَأَهُ مِنْ الْمَفَاسِدِ بِشَهَادَتِهِ عَلَى اخْتِلَافِ رُتَبِهَا، وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ الَّذِينَ. تَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَكُتِبَ لَهُ أَجْرَانِ: أَحَدُهُمَا عَلَى مَا أَعَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَقِّ، وَالْآخَرُ عَلَى إخْلَاصِهِ لِلَّهِ. وَإِنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ رِيَاءً وَسُمْعَةً أَثِمَ عَلَى رِيَائِهِ، دُونَ مُعَاوَنَتِهِ عَلَى إرْجَاعِ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحَقِّيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>