أَوْلِيَاءُ النِّكَاحِ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ كَالْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ، فَالْأَوْلَى لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْذَنَ لِأَسَنِّهِمْ وَأَعْلَمِهِمْ وَأَفْضَلِهِمْ، وَلَا تَعْدِلُ إلَى غَيْرِهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ كَسْرِ قَلْبِهِ، وَلِمَا فِي تَوْلِيَتِهِ مِنْ مَصْلَحَتِهَا، فَإِنْ أَذِنَتْ الْجَمِيعَ جَازَ لِتَسَاوِيهِمْ فِي تَحْصِيلِ الْمَصْلَحَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ النِّكَاحِ، فَإِذَا أَذِنَتْ لَهُمْ فَالْأَفْضَلُ لَهُمْ أَنْ يُقَدِّمُوا أَفْضَلَهُمْ لِمَا ذَكَرْنَاهُ، فَإِنْ لَمْ يُقَدِّمُوا أَحَدَهُمْ وَتَنَازَعُوا أَيَّهُمْ يَتَوَلَّى الْعَقْدَ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ لِتَسَاوِيهِمْ. وَالْإِنْسَانُ يَأْنَفُ مِنْ تَقْدِيمِ نَظِيرِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَأْنَفُ مِنْ تَقْدِيمِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ قُلْنَا الْأَفْضَلُ أَنْ يُفَوَّضَ الْعَقْدُ إلَى أَفْضَلِهِمْ، وَيُقَدَّمُ الْجَدُّ عَلَى الْأَوْصِيَاءِ وَالْأَئِمَّةِ وَالْحُكَّامِ، وَيُقَدَّمُ الْأَوْصِيَاءُ عَلَى الْحُكَّامِ، وَإِنَّمَا قَدَّمْنَا الْأَقْرَبَ مِنْ ذَوِي الْأَنْسَابِ لِأَنَّ شَفَقَتَهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ.
وَيَجِبُ عَلَى الْأَئِمَّةِ فِي تَفْرِيقِ مَالِ الْمَصَالِحِ أَنْ يَصْرِفُوهُ فِي تَحْصِيلِ أَعْلَاهَا مَصْلَحَةً فَأَعْلَاهَا، وَفِي دَرْءِ أَعْظَمِهَا مَفْسَدَةً فَأَعْظَمِهَا.
[فَصْلٌ فِيمَا لَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ مِنْ الْوِلَايَاتِ]
الْعَدَالَةُ شَرْطٌ فِي بَعْضِ الْوِلَايَاتِ، وَإِنَّمَا شُرِطَتْ لِتَكُونَ وَازِعَةً عَنْ الْخِيَانَةِ وَالتَّقْصِيرِ فِي الْوِلَايَةِ. وَلَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ فِي وِلَايَةِ الْقَرِيبِ عَلَى الْأَمْوَاتِ فِي التَّجْهِيزِ وَالدَّفْنِ وَالتَّكْفِينِ وَالْحَمْلِ وَالتَّقَدُّمِ فِي الصَّلَاةِ، لِأَنَّ فَرْطَ شَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَمَرْحَمَتِهِ تَحُثُّهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْغَسْلِ وَالتَّكْفِينِ وَالدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ.
وَكَذَلِكَ انْكِسَارُهُ بِالْحُزْنِ عَلَى التَّضَرُّعِ فِي دُعَاءِ الصَّلَاةِ فَتَكُونُ الْعَدَالَةُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ التَّتِمَّاتِ وَالتَّكْمِلَاتِ.
وَكَذَلِكَ وِلَايَةُ النِّكَاحِ لَا تُشْتَرَطُ فِيهَا الْعَدَالَةُ عَلَى قَوْلٍ لِأَنَّ الْعَدَالَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute