للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا جُعِلَتْ الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ مِنْ اسْتِثْنَاءِ قَاعِدَةِ كَوْنِ الْيَمِينِ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِينَ، وَكَوْنِ مَقَاصِدِ الْأَلْفَاظِ عَلَى نِيَّةِ اللَّافِظِينَ، وَالشَّرْعُ يَسْتَثْنِي مِنْ الْقَوَاعِدِ مَا لَا تُدَانِي مَصْلَحَتُهُ هَذِهِ الْمَصْلَحَةَ الْعَامَّةَ، فَمَا الظَّنُّ بِهَذِهِ الْمَصْلَحَةِ؟ .

[فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْغَرِيمِ إذَا دُعِيَ إلَى الْحَاكِمِ]

إذَا دَعَا الْحَاكِمُ أَحَدًا مِنْ الْخُصُومِ لَزِمَتْهُ الْإِجَابَةُ مِنْ مَسَافَةِ الْعَدُوِّ فَمَا دُونَهَا إذَا لَا تَتِمُّ مَصَالِحُ الْأَحْكَامِ وَإِنْصَافُ الْمَظْلُومِينَ مِنْ الظَّالِمِينَ إلَّا بِذَلِكَ، وَإِنْ دَعَاهُ خَصْمُهُ إلَى الْحَاكِمِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَقٌّ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ حَقٌّ فَلِلْحَقِّ حَالَانِ.

أَحَدُهُمَا أَنْ يَتَوَقَّفَ الْقِيَامُ بِهِ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ، فَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ لَزِمَهُ أَدَاؤُهُ، وَلَا يَحِلُّ الْمُطَالُ بِهِ إلَّا بِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ، وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ إلَى الْحُضُورِ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ إجَابَتُهُ إلَى الْحُضُورِ عِنْدَ الْحَاكِمِ، فَإِنْ عَلِمَ عُسْرَتَهُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْحَقِّ وَلَا بِالْحُضُورِ إلَى الْحَاكِمِ، وَإِنْ جَهِلَ عُسْرَتَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَخْرُجَ جَوَازُ إحْضَارِهِ إلَى الْحَاكِمِ عَلَى الْخِلَافِ فِي حَبْسِ الْمُعْسِرِ الْمَجْهُولِ الْيَسَارِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ دَعَاهُ الْحَاكِمُ مَعَ عِلْمِ الْمَدْعُوِّ بِأَنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْبَاطِلِ بِنَاءً عَلَى الْحُجَّةِ الظَّاهِرَةِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ إتْيَانِ الْحَاكِمِ، وَلَا سِيَّمَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالدِّمَاءِ وَالْفُرُوجِ وَالْحُدُودِ وَسَائِرِ الْعُقُوبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ.

الْحَالُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَتَوَقَّفَ الْقِيَامُ بِالْحَقِّ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ كَضَرْبِ أَجَلٍ لِلْعِنِّينِ فَيَتَخَيَّرُ الزَّوْجُ بَيْنَ أَنْ يُطَلِّقَ وَلَا تَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ إلَى الْحَاكِمِ، وَبَيْنَ أَنْ يُجِيبَ الْحَاكِمَ، وَلَيْسَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>